فَلَهُمَا ذَلِكَ إنْ كَانَ تَطَوُّعاً وإنْ كَانَ نَذْراً / ٨٥ و / لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تَحْلِيلَهُمَا (١)، ويَجُوزُ لِلْمُكَاتِبِ أن يَعْتَكِفَ ويَحُجَّ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلاهُ نَصَّ عَلَيْهِ، ومَنْ نِصْفَهُ حُرٌّ، إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ (٢)، جَازَ أنْ يَعْتَكِفَ في يَوْمِهِ وإنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةٌ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ. ويُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أنْ يَتَشَاغَلَ بِفِعْلِ القُرَبِ، ويَتَجَنَّبَ ما لا يَعْنِيهِ مِنَ الأقْوَالِ والأفْعَالِ وذَكَرَ أصْحَابُنَا أنَّهُ لا يُسْتَحَبُّ لَهُ إقْرَاءُ القُرْآنِ وتَدْرِيسُ العِلْمِ ومُنَاظَرَةُ الفُقَهَاءِ (٣)، وعندِي أنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ إِذَا قَصَدَ بِهِ طَاعَةَ اللهِ تَعَالَى لا الْمُبَاهَاةِ.
كِتَابُ الْحَجِّ
الحَجُّ (٤) والعُمْرَةُ (٥) فَرِيْضَتَانِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرِّ عاقِلٍ بَالِغٍ مُسَتَطِيعٍ في العُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فأمَّا الكَافِرُ والمَجْنُونُ فَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِمَا ولا تَصِحُّ مِنْهُمَا وأمَّا العَبْدُ فَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ وتَصِحُّ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إلا أنَّهُ إنْ كَانَ مُمَيِّزاً أحْرَمَ بإذْنِ الوَلِي وإنْ كَانَ غَيْر مُمَيِّزٍ أحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ وفَعَلَ عَنْهُ ما لا يَتَأَتَّى فِعْلُهُ مِنْهُ (٦) وَنَفَقَةُ الحَجِّ وما يَلزَمُهُ مِنَ الكَفَّارَةِ في مَالِهِ، وَعَنْهُ أنَّهُ في مالِ الوَلِيِّ (٧) وَهُوَ الصَّحِيْحُ عندي. فإنْ عُتِقَ العَبْدُ وبَلَغَ الصَّبِيُّ قَبْلَ الوُقُوفِ في الحَجِّ، وقَبْلَ الطَّوَافِ في العُمْرَةِ أجْزَأَهُمَا عَنْ حَجَّةِ الإسْلامِ وعُمْرَتِهِ (٨)،
(١) نفس المصدر السابق.(٢) المهايأة: الأمرُ المتهيء لَهُ، المتوافق عَلَيْهِ. المعجم الوسيط: ١٠٠٢، وانظر: الهادي: ٥٨.(٣) انظر: المغني ٣/ ١٤٩.(٤) الحج: بفتح الحاء وكسرها: القصد، وفي الشرع عبارة عن القصد إِلَى محل مخصوص مَعَ عملمخصوص. انظر: تاج العروس ٥/ ٤٦١ (حجج).(٥) العمرة: بالضم هِيَ الزيادة الَّتِي فِيْهَا عمارة الود وجعل في الشريعة القصد المخصوص، قَالَ الزجاجمعنى العمل في العمرة: الطواف بالبيت والسعي بَيْنَ الصفا والمروة والحج لا يَكُوْن إلا مَعَ الوقوف بعرفة. تاج العروس ١٣/ ١٣٠ (عمر).(٦) إن كُلّ ما أمكنه فعله بنفسه لزمه فعله ولا ينوب غيره عَنْهُ فِيْهِ كالوقوف والمبيت بمزدلفة ونحوها وما عجز عَنْهُ عمله الولي عَنْهُ. المغني ٣/ ٢٠٤، وشرح الزركشي ٢/ ٩٢.(٧) حكي عن الْقَاضِي أنَّهُ ذَكَرَ في الخلاف: أن النفقة كلها عَلَى الصبي لأن الحج لَهُ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كالبالِغِ. المغني ٣/ ٢٠٥، والمحرر ١/ ٢٣٤، والشرح الكبير ٣/ ١٦٥.(٨) قَالَ عَبْد الله: سألتُ أبي عن الصبي يحتلم بعرفة؟ قَالَ: يجزئ، وسألتُ أبي عن العَبْدِ يعتق؟ قَالَ: يجزئ حجه. مسائل عَبْد الله ٢/ ٧٢٨.قَالَ الزركشي: وَهُوَ اختيار الْقَاضِي - أظنه في التعليق - وأبي الخطاب، وظاهر كلام أبي مُحَمَّد- يجزئه، نظراً لحصول الركن الأعظم وَهُوَ الوقوف. شرح الزركشي ٢/ ٩١، وانظر: المغني ٣/ ٢٠٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute