حدَّثنا سُفيانُ، عن منصور، عن هلالِ بنِ يِساف، عن أبي يحيى، عن عبدِ الله بنِ عَمْرو، قال: رأى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قومًا يتَوَضّؤونَ، فرأى أعقابَهم تلُوحُ، فقال:"ويلٌ للأعقابِ من النار، أسبِغُوا الوضوءَ".
وحدَّثنا عبدُ الوارث (١)، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا بكرُ بنُ حَمّاد، قال: حدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا أبو عَوانة، عن أبي بشر، عن يوسفَ بنِ ماهَكَ، عن عبدِ الله بنِ عَمْرو قال: تخلَّف رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في سَفرَةٍ سافَرناها، فأدرَكَنا وقد أرهَقَتنا الصلاةُ (٢) صلاةُ العصر، ونحن نتوضَأُ، فجعَلنا نَمسَحُ على أرجلِنا، فنادَى بأعلَى صوتِه:"ويلٌ للأعقابِ من النار". مرتين أو ثلاثًا (٣).
قال أبو عُمر: في هذا الحديث من الفقهِ إيجابُ غَسلِ الرِّجلَين، وفي ذلك تفسيرٌ لقولِ الله عزَّ وجلَّ:{وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة: ٦]. وبيانُ أنه أراد الغَسلَ لا المسحَ، وإن كانت قد قُرِئَتْ:(وأرْجُلِكم). بالجرِّ (٤)، فذلك
(١) هو عبد الوارث بن سفيان بن جبرون القرطبي، وشيخه قاسم: هو ابن أصبغ البيّانيّ، وشيخه بكر بن حمّاد: هو التاهَرْتيّ. (٢) قوله: "أرْهَقَتْنا الصلاةُ" بالرفع؛ أي: أعجَلَتْنا بها لضيقِ وقتِها، يقال: أرهَقْتُه أن يُصلّي: إذا أعجَلْتُه عنها. قاله القاضي عياض، وذكر أنه يُروى: "أرهَقَتْنا الصلاةَ" بنصب "الصلاة" أي: أخّرناها حتّى كادت أن تدْنُوَ من الأخرى، وقال: "وهذا أظهر وأوْجَهُ". ينظر: مشارق الأنوار ١/ ٣٠٠ - ٣٠١. (٣) أخرجه البخاري (٩٦) عن مسدّد بن مسرهد، به. وأخرجه البغويُّ في شرح السُّنة ١/ ٤٢٨ (٢٢٠) من طريق يحيى بن محمد الذُّهْليّ، عن مسدّد بن مسرهد، به. وأخرجه أحمد في المسند ١١/ ٥٥٨ - ٥٥٩ (٦٩٧٦)، ومسلم (٢٤١ (٢٧) من طريقين أبي عوانة الوضّاح بن عبد الله اليشكريّ، به. أبو بشر: هو جعفر بن إياس اليشكريّ. (٤) وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم، وحمزة والكسائيُّ، وقرأ الباقون بالنصب، ينظر: معاني القراءات للأزهري ١/ ٣٢٦، وما سلف أثناء شرح الحديث السادس لأبي النضر مولى عمر بن عُبيد الله، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها.