وفي روايةِ أيوبَ وعُبيدِ اللّه بنِ عُمرَ في هذا الحديث، عن نافع، عن ابنِ عُمر: ولا نفقةَ لها (١).
قال أبو عُمر: في هذا الحديثِ أحكامٌ وعلوم، منها أنَّ عثمانَ رضيَ اللّهُ عنه أجاز الخُلْعَ، وعلى ذلك جماعةُ الناس، إلا بكرَ بنَ عبدِ اللّه المُزنيَّ، فإنه قال: إن قولَه عزَّ وجلَّ: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩]. منسوخ، نسخَه قوله:{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا}[النساء: ٢٠] الآية.
قال عُقبةُ بنُ أبي الصَّهباء: سألتُ بكرَ بنَ عبدِ اللّه المُزَنيَّ عن الرجُلِ يريدُ أن يُخالعَ امرأتَه، فقال: لا يحِلُّ له أن يأخُذَ منها شيئًا. قلت: فأين قولُ اللّه عزَّ وجلَّ: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} قال: هي منسوخة. قلت: وما نسَخها؟ قال: ما في سورة "النساء"؛ قوله:{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} الآية (٢).
قال أبو عُمر: قولُ بكرٍ هذا خلافُ السُّنةِ الثابتةِ في قصةِ ثابتِ بنِ قيسٍ وحبيبةَ بنتِ سَهْل، وخلافُ جماعةِ العلماءِ والفقهاءِ بالحجازِ والعراقِ والشام. وكان ابنُ سيرينَ وأبو قِلابةَ يقولان: لا يحِلُّ للرجلِ الخلعُ حتى يجدَ على بطنِها رجلًا؛ لأنَّ اللّه يقول:{إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[النساء: ١٩]. قال أبو قلابة: فإذا كان ذلك، جاز له أن يُضارَّها ويَشُقَّ عليها حتى تختلِعَ (٣).
(١) قاله النحاس في الناسخ والمنسوخ له، ص ٢٢٨. (٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٤/ ٥٨٠ و ٨/ ١٣٥ من طريقي عبد الصمد بن عبد الوارث وحجّاج بن المنهال، عن أبي خريم عُقبة بن أبي الصّهباء. وذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ، ص ٢٢٥، وابن حزم في المحلّى ١٠/ ٢٣٦ قال: "روينا من طريق الحجّاج بن المنهال، عن عقبة بن أبي الصّهباء" فذكره. (٣) أخرجه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٨٧٢٧)، ومن طريقه ابن المنذر في تفسيره ٢/ ٦١٣ (١٥٠٤) كلاهما عن معتمر بن سليمان التيمي، عنهما، به.