وأما الرِّواياتُ عن الصحابةِ ومَن بعدَهم في هذا الباب؛ فمنها ما ذكَر عبدُ الرزاق (١)، عن الثوريِّ، عن جابر، عن الشعبيِّ، قال: حدَّثني الحارثُ، عن عليٍّ، وعَلْقمةُ، عن عبدِ الله بنِ مسعود، ومَسْروقٌ، عن عائشة، قالوا: إذا جاوَز الختانُ الختانَ فقد وجَب الغُسْلُ. قال مسروقٌ: وكانت أعلمَهم بذلك. يعني عائشة.
وعن مَعْمَر، عن عبدِ الله بنِ محمدِ بنِ عَقيل، أن عليًّا قال: كما يجبُ منه الحدُّ، كذلك يَجبُ منه الغُسْلُ (٢).
وعن محمّدِ بنِ مُسلم، عن عَمْرِو بنِ دينار، عن أبي جعفر، أن عليًّا وأبا بكرٍ وعُمرَ قالوا: ما أوجَب الحدَّيْن؛ الرجمَ والجَلْد، أوجَب الغُسْل (٣).
وعن عليٍّ وشريح قالا: أيُوجِبُ الحدَّ ولا يُوجِبُ قَدَحًا من ماءٍ (٤)؟!
وعن ابنِ جُرَيج وعبدِ الله بنِ عُمر، عن نافع، عن ابنِ عُمرَ، قال: إذا جاوَز الختانُ الختانَ وجَب الغُسْل (٥).
وعن الثوريِّ، عن الأعمش، عن إبراهيمَ، عن عَلْقمة، أنَّ ابنَ مسعودٍ سُئِل عن ذلك فقال: إذا بلَغْتُ ذلك اغتسَلْتُ. قال سُفيان: والجماعةُ على الغُسْل (٦).
قال أبو عُمر: ذكَر ابنُ خُوَيْزمَنْدادَ أن إجماعَ الصحابةِ انعَقَد على إيجابِ الغُسلِ من التقاءِ الختانين. وليس ذلك عندَنا كذلك، ولكنا نقول: إن الاختلافَ في هذا ضعيفٌ، وأن الجمهورَ الذين هم الحُجّةُ على مَن خالَفهم من السلفِ والخلفِ انعَقَد إجماعُهم على إيجاب الغُسْل من التقاءِ الختانين ومجاوزَةِ الختانِ الختانَ، وهو
(١) في المصنَّف ١/ ٢٤٥ (٩٣٨). (٢) المصنَّف ٥/ ٢٤١ (٩٣٧). (٣) المصنَّف ١/ ٢٤٦ (٩٤٢). أبو جعفر هو محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ الباقر. (٤) المصنَّف ١/ ٢٤٦ (٩٤٣) و (٩٤٤) بإسنادين عنهما. (٥) في المصنَّف ١/ ٢٤٧ (٩٤٦) و (٩٤٨) بإسنادين عنه. (٦) المصنف ١/ ٢٤٧ (٩٤٧).