وقرأتُ على عبدِ الوارث بنِ سفيان، أن قاسمَ بنَ أصبغَ حدَّثهم، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِ العزيز (١)، قال: حدَّثنا هُدْبةُ بنُ خالد، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ الجَعْد، قال: حدَّثنا قتادةُ، قال: حدَّثني خلّادُ بنُ السائبِ الجُهَنيُّ، عن أبيه السائب، أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا دخَل أحدُكم الخلاءَ فلْيَتمسَّحْ بثلاثةِ أحجار".
قال أبو عُمر: هذه الآثارُ كلُّها، المرسَلُ منها والمسنَدُ، وهي صحاحٌ كلُّها، تُوجِبُ الاقتصارَ على ثلاثةِ أحجارٍ في الاستنجاءِ دونَ تقصيرٍ عن هذا العَدَد، وهذا موضع اختلَف فيه العلماء:
فذهَب مالكٌ، وأبو حنيفة، وأصحابُهما، إلى أنه جائزٌ الاستنجاءُ بأقلَّ من ثلاثةِ أحجارٍ إذا ذهَب النَّجْوُ (٢). هذا هو المشهورُ من مذهبِ مالك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن استجمَر فلْيُوتِرْ"(٣). والوَترُ قد يكونُ واحدًا، وثلاثةً، وخمسةً، وأكثرَ من ذلك.
(١) هو أبو الحسين البغوي، عمُّ أبي القاسم البغويّ، وعنه أخرجه الطبراني في الكبير ٧/ ١٤١ (٦٦٢٣)، وقرن معه عبدَ الله بن أحمد بن حنبل ومحمدَ بن عبد الله الحضرميّ. وأخرجه البخاريُّ في التاريخ الكبير ٤/ ١٥١ (٢٢٨٩)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٥/ ٥٣ (٢٥٨٩)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة ٣/ ١٨٦ (١١٠٦) ثلاثتهم عن هُدْبة بن خالد، به. وهو عند ابن عديّ في الكامل في ضعفاء الرِّجال ٢/ ٢٤٥، وابن مندة في معرفة الصحابة، ص ٤٤٧، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ٣/ ١٣٧٢، من طرق عن هُدْبة بن خالد، به. وإسناده ضعيف لأجل حمّاد بن الجعد: وهو الهُذلي، قال ابن عدي: مع ضعفه يُكتب حديثه، وقال ابن حجر في التقريب (١٤٩١): "ضعيف"، وباقي رجال إسناده ثقات غير خلّاد بن السائب: فهو صدوق. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، والسائب: هو ابن يزيد الكندي، من صغار الصحابة. (٢) ينظر: المدوّنة ١/ ١١٨ - ١١٩، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٥٦ - ١٥٧. (٣) أخرجه مالك في الموطأ (٣٤) عن ابن شهاب الزهري، عن أبي إدريس الخولاني عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد سلف تمام تخريجه في موضعه، وهو الحديث الثاني لابن شهاب.