وإلى هذا ذهَب ابنُ وَهْب، قال: معناه: يُزيِّنون لهم الخروجَ من المدينة.
وكذلك روايةُ ابنِ وَهْب:"يُبِسُّون" بالرفع من الرباعيِّ (١). وكذلك روايةُ ابنِ حبيب، عن مُطرِّف، عن مالك:"يُبِسُّون" من الرباعيِّ. وفسَّر ابنُ حبيب (٢) الكلمةَ بنحو هذا التفسير، وأنكَر قولَ مَن قال:"إنها من السَّير" كلّ الإنكار.
وقال ابنُ بُكَير:"يَبِسُّون" بفتح الياء، وكذلك روايتُه، وفسَّره: يَسيرون. قال: من قوله: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا}[الواقعة: ٥]، يعني: سارَت. ويقال: سالَت. وذكَر حبيبٌ عن مالكٍ مثل تفسيرِ ابنِ بُكَير (٣).
وقال ابنُ القاسم، عن مالك (٤): "يَبُسُّون": يدْعُون. وأظنُّ روايةَ ابنِ القاسم بفتحِ الياء وضمِّ الباء (٥)، وروايةُ ابنُ بُكَير بكسرِها، وكلُّ ذلك من الثلاثي.
وقال ابنُ هشام: والبَسُّ أيضًا: المبالغةُ في فَتِّ الشيء، ومنه قيل في الدَّقيق المصنوع بالزيتِ ونحوِه: البَسِيسُ (٦). قال الراجز:
(١) وذكر أنّ معناه: يُزَيِّنُون لهم الخروج إلى المدينة، وقيل: يزجُرون دوابَّهم. نقله عنه الجوهريّ في مسند الموطأ ١/ ٥٧٨ بإثر الحديث (٧٧٣). (٢) في تفسير غريب الموطأ ٢/ ٩٦ - ١٠٠. (٣) ومثل ذلك ذكر الجوهريُّ عنهما في مسند الموطأ ١/ ٥٧٨ بإثر الحديث (٧٧٣). (٤) كما في مسند الموطأ للجوهري ١/ ٥٧٨ بإثر الحديث (٥٧٣). (٥) ويؤيِّده ذلك ما ذكره أبو أحمد العسكري في تصحيفات المحدِّثين ١/ ٣٤٠، قال: "يَبِسُّونَ، بفتح الياء والسين غير معجمة، يقال: أبْسَسْت بالرَّجُل: إذا دعوتَه إلى الطعام أو غيره. وأصله من: أبْسَسْت بالناقة: إذا دعوتَها للحَلْب، ويقال: بَسِسْتُ وأبْسَسْتُ " لغتان". (٦) وأنكر ذلك النوويُّ، وقال: "وهذا ضعيفٌ أو باطلٌ، بل الصوابُ الذي عليه المحقِّقُون أنّ معناه الإخبارُ عمّن خرج من المدينة مُتَحمِّلًا بأهلِه باشًا في سيره، مسرعًا إلى الرَّخاء في الأمصار التي أخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بفتحها". شرح صحيح مسلم ٩/ ١٥٩.