ونَهى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قيلَ وقال، وكثرةِ السُّؤال، وإضاعةِ المال. وقال ابنُ جُريج، عن عطاءٍ وعمرِو بنِ دينار، عن عُبيدِ بنِ عُمير: إنَّ اللَّهَ حرَّم أشياءَ وأحلَّ أشياءَ، فما حرَّم فاجتنِبوه، وما أحلَّ فاستحِلُّوه، وما سكَت عنه فهو عفوٌ فلا تسألوا عنه (٢).
وقال آخرون: معنى نَهْي النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كثرةِ السُّؤال، أراد سؤالَ المال والإلحاحَ فيه على المخلوقين. واستدلُّوا بعطفِه على ذلك قولَه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإضاعةَ المال"، وبما رواه المغيرةُ بنُ شعبةَ وعمارُ بنُ ياسر، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"إنّ اللَّهَ كرِه لكم قيلَ وقالَ، وكثرةَ السُّؤال، وإضاعةَ المال، ومنْعَ وهات، ووأْدَ البنات، وعُقوقَ الأُمّهات"(٣). قالوا: فقولُه: "ومنع وهات" هو من باب السُّؤال، والمنعُ في المال لا في العلم. قالوا: فكذلك نهيُه عن كثرةِ السؤال. واللَّهُ أعلم.
(١) ينظر: تفسير عبد الرزاق ١/ ١٩٥، وتفسير ابن جرير الطبري ١١/ ٩٩ - ١٠٣ و ١١/ ١١١ - ١١٢. وأصل القصّة في الصحيحين مختصرة مع ذكر الآية، البخاري (٦٣٦٢) و (٧٠٨٩) من حديث قتادة عن أنس رضي اللَّه عنه. وأخرجه (٤٦٢١)، ومسلم (٢٣٥٩) من حديث موسى بن أنس، عن أنس رضي اللَّه عنه. (٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ٥٣٤ (٨٧٦٨)، وابن جرير الطبري في تفسيره ١١/ ١١٤، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٣/ ٢٦٨ من طريق عبد الملك بن جريج، عن عطاء بن رباح دون ذكر عمرو بن دينار، به. وهو عند عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ٥٣٤ (٨٧٦٨)، وابن جرير الطبري في تفسيره ١١/ ١١٤، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٣/ ٢٦٨ من طريق عبد الملك بن جريج، عن عطاء بن رباح دون ذكر عمرو بن دينار، به. وهو عند عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ٥٣٤ (٨٧٦٧) عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به. (٣) أخرجه القضاعي في مسند الشهاب ٢/ ١٥٦ (١٠٩٠) من طريق عطاء بن السائب عن أبيه، عن عمّار بن ياسر والمغيرة بن شعبة، به.