فالظّاهِرُ من هذه الأخبارِ إسقاطُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} منها، وتأوِيلُ المُخالِفِ فيها بَعِيدٌ، إذ زعمَ أنَّ قولهُم: كانوا يفتتِحُون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إعلامٌ بأنَّهُم كانوا يقرؤُونَ هذه السُّورةَ في أوَّلِ صَلاتِهِم، وفي كلِّ رَكْعةٍ. قالوا: وإنَّما في هذه الآثارِ ردُّ قَولِ من قال: إنَّ غيرَها من سُورِ القُرآنِ يُغني عنها. قالوا: وحدِيثُ أنسٍ مخُتَلفٌ فيه، أكثرُ أصحابِ قتادةَ يقولُون فيه: كانوا لا يجهرون بـ (١){بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وبعضُ رُواتِهِ عن أنسٍ يقولُ فيه: كانوا لا (٢) يقرؤُونَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
ورواهُ مَعْمرٌ، عن قَتادةَ، وحُميدٍ الطَّوِيلِ، وأبان (٣)، عن أنس، قال: سَمِعتُ رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا بكرٍ وعُمر وعُثمانَ يَقرؤُونَ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(٤).
قالوا: فحدِيثُ أنسٍ هذا، وما كانَ في معناهُ مُحتمِلٌ للتَّأوِيلِ على ما وصفنا.
قالوا: وحدِيثُ (٥) عبدِ اللَّه بن مُغفَّلٍ لا يثبُتُ أيضًا، لأنَّهُ عن ابنهِ (٦)، وهُو مجهُولٌ.
قالوا: والعلاءُ بن عبدِ الرَّحمنِ قد تُكلِّمَ فيه، وليسَ بحُجَّةٍ.
(١) في م: "لا يقرؤون". (٢) هذا الحرف سقط من ت، م. (٣) هذه الكلمة لم ترد في د ٢، ت، م. (٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٥٩٨) عن معمر، به. (٥) زاد هنا في م: "ابن". (٦) في م: "أبيه".