وأمّا ما حَكيناهُ، عن ابن عبّاسٍ، وابنِ عُمرَ، وغيرِهِما من السَّلفِ في هذا البابِ.
فذكر عبدُ الرَّزّاقِ، قال (١): أخبَرنا ابن جُريج، قال: حدَّثني عبدُ اللَّه بن عُثمان بن خُثيم، عن عبدِ اللَّه بن أبي بكر بن حَفْصِ بن عُمر بن سعدٍ: أنَّ مُعاويةَ صلَّى للنّاسِ بالمدِينةِ العَتَمةَ، فلم يقرأ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. ولم يُكبِّر بعضَ هذا التَّكبِيرِ الذي يُكبِّرُ النّاسُ، فلمّا انصرَفَ ناداهُ من سمِعَ ذلك من المُهاجِرِينَ والأنصارِ، فقالوا: يا مُعاويةُ، أسُرِقتِ الصَّلاةُ، أم نسِيتَ؟ أين {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} واللَّه أكبرُ، حِينَ تَهْوِي ساجِدًا؟ فلم يَعُد مُعاويةُ لذلك بعدُ.
ورَوَى هذا الخبرَ: عبدُ المجيدِ بن عبدِ العَزِيزِ بن أبي روّادٍ، عن ابن جُرَيج، عن عبدِ اللَّه بن عُثمانَ بن خُثيم، عن أبي بكر بن حَفْصٍ، عن أَنَسِ بن مالكٍ قال: صلَّى بنا مُعاويةُ صلاةً يَجْهرُ فيها بالمدِينةِ. فذكرَ معناهُ (٢).
وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (٣) أيضًا، قال: أخبَرنا ابن جُرَيج، قال: أخبرني أبي، أنَّ سعِيدَ بن جُبيرٍ أخبرهُ، أنَّ ابن عبّاسٍ قال في قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}[الحجر: ٨٧]، قال: أُمُّ القُرآنِ (٤). قال: وقرأها عليَّ سعِيدٌ، كما قرأتُها عليكَ، ثُمَّ قال:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الآيةُ السّابعةُ. قال (٥) ابن عبّاسٍ: قد أخرَجها اللَّه لكُم، وما أخرَجَها لأحدٍ (٦) قبلَكُم. قال عبدُ الرَّزّاقِ: وقَرأها علينا ابن جُريج: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آيةٌ، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} آيةٌ،
(١) في المصنَّف (٢٦١٨). (٢) أخرجه ابن المنذر في الأوسط (١٣٤٩)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٤٩، من طريق عبد المجيد، به. (٣) في المصنَّف (٢٦٠٩)، وفي التفسير ١/ ٣٥٠. (٤) زاد هنا في ت: "قال عبد الرزاق: قرأها عليَّ ابن جريج، وقال: قرأها عليَّ أبي كما قرأتها عليك". (٥) في م: "وقال". (٦) زاد هنا في م: "من".