للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدَّثنا أبو إسماعيلَ التِّرمذِيُّ، قال: حدَّثنا الحُميدِيُّ، قال (١): حدَّثنا سُفيانُ، قال: حدَّثنا عطاءُ بن السّائب، عن إبراهيمَ النَّخعِيِّ، عن الأسودِ بن يزِيدَ، عن عائشةَ، أنَّها قالت: رأيتُ الطِّيبَ في مَفارِقِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ ثالِثةٍ، وهُو مُحرِمٌ.

قال أبو عُمر: فذهَبَ قومٌ إلى القولِ بهذه الآثارِ، وقالوا: لا بأسَ أن يتطيَّبَ المُحرِمُ قبلَ إحرامِهِ بما شاءَ من الطِّيبِ، مِسكًا (٢) كان أو غيرهُ، ممّا يَبْقَى عليهِ بعدَ إحرامِهِ (٣)، ولا يضُرُّهُ بَقاؤُهُ عليه بعدَ إحرامِهِ إذا تطيَّبَ قبلَ إحرامِهِ؛ لأنَّ بقاءَ الطِّيبِ عليهِ، ليسَ بابتِداءٍ منهُ، وليسَ بمُتطيِّبٍ بعدَ الإحرام، وإنَّما المنهِيُّ عنهُ التَّطيُّبُ بعدَ الإحرام.

قالوا: ولا بأس أن يَتَطيَّب أيضًا إذا رَمَى جَمْرةَ العقبةِ قبلَ أن يطُوفَ بالبيتِ.

وحُجَّتُهُم فيما ذَهَبُوا إليه من ذلك كلِّهِ حديثُ عائشةَ هذا، وهُو حديثٌ ثابتٌ.

وقد عمِلَتْ به عائشةُ (٤) رضِي الله عنها، وجماعةٌ من الصَّحابةِ، منهُم: سعدُ بن أبي وقّاصٍ، وعبدُ الله بن عبّاسٍ، وعبدُ الله بن الزُّبيرِ، وعبدُ الله بن جعفرٍ، وأبو سعِيدٍ الخُدرِيُّ، وجماعةٌ من التّابِعين بالحِجازِ والعِراقِ.

وإليه ذهَبَ الشّافِعيُّ وأصحابُهُ، والأوزاعِيُّ، والثَّورِيُّ، وأبو حَنِيفةَ، وأبو يُوسُف، وزُفَرُ. وبه قال أحمدُ بن حنبل، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ، وكلُّ هؤُلاءِ يقول: لا بأسَ أن يتطيَّبَ قبلَ أن يُحرِم، وبعدَ رميِ جَمْرةِ العَقَبةِ.

قرأتُ على أحمد بن عبدِ الله بن محمدٍ، أنَّ أباهُ أخبَرهُ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن


(١) في مسنده (٢١٥). ومن طريقه أخرجه ابن حزم في المحلى ٧/ ٩١ - ٩٢. وأخرجه أحمد في مسنده ٤٠/ ١٦٢ (٢٤١٣٤)، والنسائي في المجتبى ٥/ ١٤٠، وفي الكبرى ٤/ ٣٤ - ٣٥ (٣٦٦٨)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣٥، والخطيب في تاريخه ٦/ ٢٥٢ من طريق سفيان بن عيينة، به.
(٢) في م: "ومسكا".
(٣) قفز نظر ناسخ د ٢ إلى كلمة "إحرامه" الآتية بعد قليل، فسقط ما بينهما.
(٤) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه، وكذا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>