والشَّرابِ، إذا لم ينوِ بذلك وجهَ الله، ولم يُرِد أداءَ فَرْضِهِ، أوِ التَّطوُّعَ للّه به، فليسَ بصائم في الشَّرِيعةِ.
فلهذا ما قُلنا: إنَّهُ لا تطَّلِعُ عليه الحفظةُ ولا تكتبهُ، ولكِنَّ اللهَ يعلمُهُ ويُجازِي به على ما شاءَ من التَّضعِيفِ.
والصَّومُ في لِسانِ العربِ أيضًا: الصَّبرُ، و (١){إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠].
وقال أبو بكر بن الأنبارِيِّ: الصَّومُ يُسمَّى صَبْرًا، لأنَّهُ حبسٌ للنَّفسِ (٢) عن المطاعِم، والمشارِبِ، والمناكِح، والشَّهواتِ.
قال أبو عُمر: من الدَّليلِ على أنَّ الصَّومِ يُسمَّى صبرًا: قولُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صامَ شهرَ الصَّبرِ، وثلاثةَ أيام من كل شهرٍ، فكأنَّهُ صامَ الدَّهرَ"(٣). يعني بشَهْرِ الصبرِ، شهرَ رمضانَ.
وقد يُسمَّى الصّائمُ سائحًا، ومنهُ قولُ الله عزَّ وجلَّ:{السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ}[التوبة: ١١٢]، يعني الصّائمِينَ المُصلِّين، ومنهُ أيضًا قولُهُ:{قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ}[التحريم: ٥].
فللصَّوم وجَهٌ في لِسانِ العربِ، قد ذكَرْنا جميعها في هذا البابِ، واللّهُ المُوفِّقُ للصَّوابِ.
(١) هذا الحرف سقط من م. (٢) في ت، م: "النفس". (٣) أخرجه الطيالسي (٢٥١٥)، وإسحاق بن راهوية (١٢)، وأحمد في مسنده ١٣/ ٢٢، و ١٤/ ٥٣٨ (٧٥٧٧، ٨٩٨٦)، والبزار في مسنده ١٧/ ١٥ (٩٥٢٢)، والنسائي في المجتبى ٤/ ٢١٨، وفي الكبرى ٣/ ١٩٥ (٢٧٢٩)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٢٩٣، من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ١٨٩ (١٣٤٩٣).