أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، قال (١): حدَّثنا وكِيعٌ، قال: حدَّثنا وَبْرُ بن أبي دُليلةَ (٢)، شيخٌ من أهلِ الطّائفِ، قال: حدَّثني محمدُ بن ميمُونِ بنِ مُسيكةَ، وأثنى عليه خيرًا، عن عَمرِو بنِ الشَّرِيدِ، عن أبيهِ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليُّ الواجِدِ يُحِلُّ عِرْضهُ وعُقُوبتهُ".
قال أبو عُمر: هذا عِندِي نحو معنى قولِ الله عزَّ وجلَّ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}[النساء: ١٤٨]. وهذه الآيةُ نزلَتْ في رجُلٍ تضيَّفَ قومًا، فلم يُضيِّفُوهُ، فأُبِيحَ لهُ أن يقولَ فيهم: إنَّهُم لئامٌ لا خيرَ فيهم، ولولا منعُهُم لهُ من حقِّ الضِّيافةِ، ما جازَ لهُ أن يقولَ فيهم ما فيهم؛ لأنَّها غيبةٌ مُحَرَّمةٌ، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قُلتَ في أخِيكَ ما فيه، فقدِ اغْتَبتهُ، وإذا قُلتَ فيه ما ليس فيه، فذلك البُهتانُ"(٣).
وهكذا لمّا كان مَطلُ الغنيّ ظُلمًا، أُبِيح لغرِيمِهِ عِرْضُهُ.
ومعنى قولِهِ في هذا الحديثِ:"وعُقُوبتهُ" - واللّه أعلمُ -: المُعاقبةُ لهُ بأخذِ ما له عِندهُ من مالِهِ إذا أمكَنهُ أخذُ حقِّهِ منهُ بغيرِ إذنِهِ، وكيفَ أمكنهُ من مالِهِ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: ١٢٦].
وقد شكت هِندٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّ زَوْجها أبا سُفيانَ لا يُعطِيها ما يَكْفيها
(١) في المصنَّف (٢٢٨٤٤). وعنه أخرجه ابن ماجة (٢٤٢٧). وأخرجه أحمد في مسنده ٢٩/ ٤٦٥ (١٧٩٤٦)، والنسائي في المجتبى ٧/ ٣١٦، وفي الكبرى ٦/ ٨٩ (٦٢٤٣) من طريق وكيع، به. وأخرجه أبو داود (٣٦٢٨)، والنسائي في المجتبى ٧/ ٣١٦، وفي الكبرى ٦/ ٨٩ (٦٢٤٢)، وابن حبان ١١/ ٤٨٦ (٥٠٨٩) من طريق وبر بن أبي دليلة، به، وإسناده حسن. وانظر: المسند الجامع ٧/ ٣٦٦ - ٣٦٧ (٥١٩٨). (٢) في الأصل، م: "وبرة بن أبي دليلة"، وفي ي ١: "وبر بن أبي ليلة"، وفي ت: "وبرة بن أبي ليلة"، وكله خطأ. انظر: تهذيب الكمال ٣٠/ ٤٢٥ والتعليق عليه. (٣) سيأتي بإسناده في شرح حديث الوليد بن عبد الله بن صياد، وهو في الموطأ ٢/ ٥٨٤ (٢٨٢٣). وانظر تخريجه هناك.