وذلك إذا قذفَ من أنفِهِ ما اسْتَنشقَ، مِثل الامتِخاطِ، ويُقالُ:"الجَرادُ نَثْرةُ حُوتٍ"، أي: قذفَ به من أنفِهِ.
وقد روى ابنُ القاسم وابنُ وَهْبٍ، عن مالكٍ، قال: الاستِنثارُ: أن يجعلَ يدهُ على أنفِهِ، ويَسْتنثِر. قِيل لمالكٍ: أيَسْتنثِرُ من غيرِ أن يضعَ يدهُ على أنفِهِ؟ فأنكرَ ذلك، وقال: إنَّما يفعلُ ذلك الحِمارُ. وسُئلَ مالكٌ عنِ المَضْمضةِ والاسْتِنثارِ مرَّةً، أم مرَّتينِ، أم ثلاثًا؟ فقال: ما أُبالِي أيَّ ذلك فعلتُ. وكلُّ ذلك واسعٌ وجائزٌ (١) عِندَ مالكٍ وجميع أصحابه، أن يتمضمضَ ويَسْتنثِر من غُرفةٍ واحِدةٍ.
قال أبو عُمر: أمّا لفظُ الاسْتِنشاقِ، فلا يكادُ يُوجَدُ الأمرُ به، إلّا في رِوايةِ همّام، عن أبي هريرةَ (٢). وفي حديثِ أبي رَزِينٍ العُقيليِّ، واسمُهُ لَقِيطُ بن صبِرةَ (٣). ويُوجَدُ أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تمضمضَ واسْتَنشقَ، من حديثِ عُثمانَ (٤)، وعليٍّ (٥)، وعائشةَ (٦)، وغيرِهِم من وُجُوهٍ.
وأمّا لفظُ الاستِنثارِ، فمحفُوظٌ الأمرُ به من حديثِ ابنِ عبّاسٍ (٧).
(١) في م: "جائز" بدل: "واسع وجائز". (٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه. (٣) سيأتي بإسناده أيضًا، وانظر تخريجه في موضعه. (٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٦٦ - ٦٧ (٦٥). (٥) سيأتي في شرح الحديث الأول لعمر بن يحيى المازني، وهو في الموطأ ١/ ٥٠ (٣٢). وانظر تخريجه هناك. (٦) أخرجه إسحاق بن راهوية (١٠٤٢)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٦٨٩)، وأحمد في مسنده ٤١/ ١٩٢، ٣٣٧ (٢٤٦٤٨، ٢٤٨٤١)، والنسائي في المجتبى ١/ ١٣٢، ١٣٣، وفي الكبرى ١/ ١٦٧ (٢٣٩)، وأبو يعلى (٤٤٨١)، وابن حبان ٣/ ٤٦٥ (١١٩١)، والطبراني في الأوسط ٣/ ١٢٠ (٢٦٦٩)، والبيهقي في الكبرى ١/ ١٧٤. وانظر: المسند الجامع ١٩/ ٢٨١ - ٢٨٢ (١٦٠٥١). (٧) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.