أهلُها، يُقِيمُونَ فيها، تكونُ قُرًى صِغارًا في نَواحِي المدِينةِ العَظِيمةِ، فيقدمُ بعضُ أهلِ تلك القُرى الصِّغارِ إلى أهلِ الدِينةِ بالسِّلع، فيَبِيعُها لهم أهلُ المدِينةِ؟ قال: نعم، إنَّما معنى الحديثِ أهلُ العمُودِ (١).
ورَوَى أصبغُ، عنِ ابنِ القاسم، فيمَن فعلَ ذلك، من بيع الحاضِرِ للبادِي: أنَّهُ يُفسَخُ بيعُهُ. وكذلك روى عيسى، عنِ ابنِ القاسم، قال: وإن فاتَ، فلا شيءَ عليه.
ورَوَى سحنُونٌ، عنِ ابنِ القاسم: أنَّهُ يُمضَى البيعُ. قال سحنُونٌ: وقال لي غيرُ ابنِ القاسم: أنَّهُ يُرَدُّ البيعُ.
وروى سحنُونٌ وعِيسَى، عنِ ابنِ القاسم: أنَّهُ يُؤَدَّبُ الحاضِرُ إذا باعَ للبادِي. قال في رِوايةِ عيسى: إن كان مُعتادًا لذلك.
ورَوى عبدُ الملكِ بن الحسنِ زُونانُ (٢)، عنِ ابنِ وَهْبٍ: أنَّهُ لا يُؤَدَّبُ، عالِمًا كان بالنَّهيِ عن ذلك أو جاهِلًا (٣).
قال أبو عُمر: لم يختلِف قولُ مالكٍ، واللّه أعلمُ، في كَراهِيةِ بيع الحاضِرِ للبادِي، واختلَفَ قولُهُ في شِراءِ الحاضِرِ للبادِي.
فمرَّةً قال: لا بأسَ أن يشترِي لهُ. ومرَّةً قال: لا يَشْترِي لهُ، ولا يُشِيرُ عليه. ذكرَ ذلك في كِتابِ السُّلطانِ، من "المُسْتخرجةِ".
وبه قال ابنُ حبِيبٍ، قال: والبادِي الذي لا يبِيعُ لهُ الحاضِرُ، هُم أهلُ
(١) انظر: النوادر والزيادات لابن أبي زيد ٦/ ٤٤٧، والجامع لمسائل المدونة للصقلي ١٣/ ١٠٨٤، وفيهما ما بعده. (٢) في ي ١، ت: "زوقان"، خطأ. وهو عبد الملك بن الحسن بن محمد بن زريق بن عبيد الله بن رافع بن أبي رافع، أبو مروان، ويعرف بزونان. انظر: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ١/ ٣٥٨ (٨١٣)، وتاريخ الإسلام للذهبي ٥/ ٨٧٨. (٣) انظر: النوادر والزيادات ٦/ ٤٤٩.