واحتجُّوا أيضًا بحديثِ عبدِ اللَّه بن أبي أوفَى؛ حدَّثناهُ سعيدُ بن نصرٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن رَوْح المدائنيُّ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن هارُونَ، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن عَمرِو (١) بن مُرّةَ، عن عبدِ اللَّه بن أبي أوْفَى: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا أتاهُ قومٌ بصَدَقتِهِم، قال:"اللَّهُمَّ صلِّ عليهم". فأتاهُ أبي بصدَقتِهِ، فقال:"اللَّهُمَّ صلِّ على آلِ أبي أوْفَى"(٢).
قالوا: ففي هذا الحديثِ بيانُ أنَّ الصَّلاةَ على كلِّ أحَدٍ جائزةٌ من كلِّ أحَدٍ، اقتِداءً برسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتأسِّيًا به، لأنَّهُ كان عليه السَّلامُ يَمْتثِلُ قولَ اللَّه عزَّ وجلَّ:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة: ١٠٣].
قالوا: ومعلُومٌ أنَّ الصَّلاةَ هاهُنا الرَّحمةُ والتَّراحُمُ، فغيرُ نَكيرٍ أن يجُوزَ من كلِّ أحَدٍ، على كلِّ أحدٍ (٣) من المُسلِمينَ، بدليلِ الكِتابِ والسُّنّةِ.
قال أبو عُمر: كلُّ ما ذكَرْنا، قد قالهُ العُلماءُ فيما وصَفْنا، وباللَّه توفيقُنا.
(١) في ي ١: "عن عبيد"، محرّف. وهو عمرو بن مرة بن عبد اللَّه بن طارق بن الحارث بن سلمة بن كعب، المرادي الجملي، أبو عبد اللَّه الكوفي. انظر: تهذيب الكمال ٢٢/ ٢٣٢. (٢) أخرجه الطيالسي (٨٥٧)، وأحمد في مسنده ٣١/ ٤٥٧، ٤٦١، ٤٧٦ (١٩١١١، ١٩١١٥، ١٩١٣٣)، والبخاري (١٤٩٧، ٤١٦٦، ٦٣٣٢)، ومسلم (١٠٧٨)، وأبو داود (١٥٩٠)، وابن ماجة (١٧٩٦)، والبزار في مسنده ٨/ ٢٨٤ (٣٣٥٣)، والنسائي في المجتبى ٥/ ٣١، وفي الكبرى ٣/ ٢٠ (٢٢٥١)، وابن الجارود في المنتقى (٣٦١)، وابن خزيمة (٢٣٤٥)، وأبو عوانة (٢٦١٣)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ٦١ (٣٠٥٢)، وابن حبان ٣/ ١٩٧، و ٨/ ٦٩ (٩١٧، ٣٢٧٤)، والطبراني في الكبير ١٨/ ١٠ (١١)، وفي الدعاء (٢٠١٢)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١٥٢، من طرق عن شعبة، به. وانظر: المسند الجامع ٨/ ١٦٢ - ١٦١ (٥٦٦١). (٣) قوله: "على كل أحد" سقط من م.