قال أبو عُمر: فهذا الوجهُ المعمُولُ به في السَّلام على أهلِ الذِّمّةِ، والرَّدِّ عليهم، ولا أعلمُ في ذلك خِلافًا، واللَّه المُستعانُ.
وقد رَوَى سُفيانُ بن عُيينةَ، عن زَمْعةَ (١) بن صالح، قال: سمِعتُ ابن طاووُس، يقولُ: إذا سلَّمَ عليكَ اليهُوديُّ أو النَّصرانيُّ، فقُل: علاكَ السَّلامُ، أي: ارتفَعَ عنكَ السَّلامُ (٢).
قال أبو عُمر: هذا لا وجهَ لهُ، معَ ما ثبتَ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو جازَ مُخالَفةُ الحديثِ إلى الرَّأيِ في مِثلِ هذا، لاتَّسعَ في ذلك القولُ، وكثُرتِ المعاني.
ومِثلُ قولِ ابنِ طاووُس في هذا البابِ، قولُ من قال: يُرَدُّ على أهلِ الكِتابِ: عليكَ السِّلام. بكسرِ السِّينِ، يعني الحِجارةَ.
وهذا غايةٌ في ضَعفِ المعنَى، ولم يُبَحْ لنا أن نَشْتُمَهُمُ ابتِداءً، (٣) وحَسْبُنا أن نرُدَّ عليهم بمِثلِ ما يقولُونَ في قولِ: "وعليكَ". معَ امتِثالِ السُّنّةِ التي فيها النَّجاةُ لمن تَبِعها، وباللَّه التَّوفيقُ.
(٤) وقد ذكَرْنا في بابِ ابنِ شِهاب، حُكمَ من سبَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من أهلِ الذِّمّةِ؛ لأنَّ بعضَ الفُقهاءِ جعلَ قولَ اليَهُودِ ها هُنا من بابِ السَّبِّ، قولُهُ: السّامُ عليكُم. وهذا عِندي لا وجهَ لهُ، واللَّه أعلمُ.
(١) في ي ١: "ربيعة"، خطأ. وهو زمعة بن صالح الجندي اليماني. انظر: تهذيب الكمال ٩/ ٣٨٦. (٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٦٢٨٢) من طريق زمعة عن سلمة بن وهرام، عن طاووس، به. (٣) من هنا إلى قوله: "التي فيها النجاة" سقط من ي ١. (٤) من هنا إلى آخر تمهيد هذا الحديث لم يرد في ي ١.