الفُقهاءُ في هذا البابِ. وأنَّ من خالَفهُ محجُوجٌ؛ لأنَّ (١) الحُجّةَ به قائمةٌ، لأَنَّهُ لم يُروَ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يُخالِفُهُ، فثَبَتتِ الحُجّةُ به.
ورَوَى ابنُ جُرَيج، عن موسى بن عُقبةَ، عن نافع: أنَّ ابنَ عُمرَ كان يُنكِرُ أن يَتَولَّى أحدٌ غيرَ مَوْلاهُ، وأن يهَبَ ولاءَهُ (٢).
ورَوَى ابنُ وَهْبٍ، عن مالكٍ أَنَّهُ قال: لا يجُوزُ لسيِّدٍ أن يأذَنَ لمولاهُ أن يُواليَ من شاءَ، لأنَّها هِبةُ الوَلاءِ، وقد نَهَى رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بَيْع الولاءِ، وعن هِبَتِهِ (٣).
وقد رخَّصَتْ طائفةٌ من العُلماءِ، أن يتولَّى المُعتَقُ من شاءَ، إذا أذِنَ لهُ سيِّدُهُ، فمِنهُم: إبراهيمُ النَّخَعيُّ، وعَطاءٌ، وعَمرُو بن دينارٍ.
واحتجَّ من ذهَبَ هذا المذهبَ، بحديثِ ابنِ جُريج، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، قال: حكَمَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّهُ لا يحِلُّ أن يُتَولّى مولى رجُلٍ مُسلِم بغيرِ إذنِهِ (٤).
ومِمَّن قال: لا يجُوزُ بيعُ الولاءِ، ولا هِبتُهُ، من كِتابةٍ ولا غيرِها: جابرٌ، وابنُ عبّاسٍ، وابنُ عُمرَ، وطاوُوسٌ، والحَسنُ، وابنُ سيرينَ، وسُويدُ بن غَفَلةَ، والشَّعبيُّ (٥)، ومالكٌ، والشّافِعيُّ، والثَّوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُهُ، وأحمدُ، وداود (٦).
(١) في ف ٣: "به وأن". (٢) سلف تخريجه في هذا الباب. (٣) انظر: المدونة ٢/ ٤٧٩. (٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٦١٥٤)، وأحمد في مسنده ٢٢/ ٣٣٨ (١٤٤٤٥)، ومسلم (١٥٠٧)، والنسائي في المجتبى ٨/ ٥٢، وفي الكبرى ٦/ ٣٦٥ (٧٠٠٤)، وأبو يعلى (٢٢٢٨)، وأبو عوانة (٤٨١١)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ١٠٧، من طريق ابن جريج، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ١١٤ - ١١٥ (٢٥٢٨). (٥) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٦١٣٩، ١٦١٤٣، ١٣١٤٤، ١٦١٤٦، ١٦١٤٧)، وابن أبي شيبة (٢٠٨٣٨) فما بعدها. (٦) في الأصل، م: "وعلي".