أهلِ الشِّركِ من أهلِ الجاهِليّةِ يقولُ، فهُو كافِرٌ، حلالٌ دمُهُ، إن لم يَتُب. هذا معنى (١) قولِه.
أمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: على إثْرِ سماءٍ كانت من اللَّيلِ. فإنَّهُ أرادَ: على إثر غيث (٢) نزلَ من اللَّيلِ، والعَرَبُ تُسمِّي السَّحابَ، والماءَ النّازِل منهُ: سَماءً، قال الشّاعِرُ، وهُو أحدُ فُصحاءِ العربِ (٣):
إذا نزلَ السَّماءُ بأرضِ قومٍ ... رَعَيناهُ وإن كانوا غِضابا
يعني: إذا نزلَ الماءُ بأرضِ قوم، ألا تَرى أنَّهُ قال: رعيناهُ (٤)، فذكَّرَ، لأنه أرادَ الماء، ولو أرادَ السَّماءَ لأنَّثَ، لأنَّها مُؤَنَّثةٌ، فقال: رعيناها.
وقولُهُ: رعيناهُ. يعني الكلأ النّابِت من الماءِ، فاسْتَغنى بذِكرِ الضَّميرِ، إذِ الكلامُ يدُلُّ عليه.
وهذا من فصيحِ كلام العربِ، ومِثلُهُ في القُرآنِ كثيرٌ.
والوجهُ الآخرُ: أن يعتقِدَ أنَّ النَّوءَ يُنزِلُ اللَّهُ به الماءَ، وأنَّهُ سَببُ الماءِ على ما قَدَّرهُ اللَّه، وسبقَ في عِلمِهِ، فهذا وإن كان وجهًا مُباحًا، فإنَّ فيه أيضًا كُفرًا بنِعمةِ
(١) في م: "من". (٢) في م: "سحابًا حيث" بدل: "على إثر غيث". (٣) هو معود الحكماء معاويه بن مالك، كما جاء في لسان العرب ١٤/ ٣٩٩. (٤) بعد هذا في الأصل: "يعني الكلأ النابت من الماء"، ولا معنى له لأنه سيكرره والمثبت من بقية النسخ.