والذي عليه جماعةُ العُلَماءِ في ذلك (١)، تَرْكُ التَّراخِي، وكراهةُ المُطَيْطاء (٢)، والعَجَلةُ أحبُّ إليهم من الإبطاءِ، ويُكرَهُ الإسراعُ الذي يَشُقّ على ضَعَفةِ من يَتبَعُها، وقد قال إبراهيمُ النَّخعِيُّ: بطِّئُوا بها قليلًا، ولا تدُبُّوا (٣) دبِيبَ اليهُودِ والنَّصارَى (٤).
ورُوِي (٥) عن أبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ، وأبي هريرةَ، وجَماعةٍ من السَّلفِ: أنَّهُم أمَرُوا أن يُسرَعَ بهم (٦)، وهذا على ما اسْتَحبَّهُ الفُقهاءُ، وهُو أمرٌ خَفِيفٌ إن شاءَ الله.
وقد رُوِي عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ما يُفسِّرُ الإسراعَ من حديثِ أبي مُوسى، ويُوافِقُ حديث ابنِ مسعُودٍ، وقولَ إبراهيم.
حدَّثنا يعِيشُ بن سعيدٍ (٧) وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمدٍ البِرْتِيُّ، قال: حدَّثنا أبو مَعْمرٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الوارثِ، قال: حدَّثنا لَيْثٌ، عن أبي بُرْدةَ، عن أبي موسى: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أبصَرَ جِنازةً يُسْرَعُ بها وهِي تُمْخَضُ (٨) كما يُمخَضُ الزِّقُّ، فقال:"عليكُم بالقَصْدِ في جَنائزِكُم إذا مَشَيتُم"(٩).
(١) شبه الجملة "في ذلك" لم يرد في د ٤. (٢) المُطَيْطاء: مشية التبختر. انظر: لسان العرب ٧/ ٤٠٤. (٣) دبَّ: مشى على هينته. انظر: لسان العرب ١/ ٣٦٩. (٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٦٢٤٩)، وابن أبي شيبة (١١٣٨٨). (٥) هذه الفقرة بتمامها لم ترد في د ٤. (٦) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١١٣٧٨) و (١١٣٨٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٧٨. (٧) في الأصل، م: "بن عبد الله"، خطأ. وهو يعيش بن سعيد بن محمد أبو عثمان الوراق. انظر: تاريخ الإسلام ٨/ ٨٣٧. (٨) تُمخضُ: أي تُحرَّك تحريكًا سريعًا. انظر: النهاية لابن الأثير ٤/ ٣٠٧. (٩) أخرجه الطيالسي (٥٢٤)، وأحمد في مسنده ٣٢/ ٤١١ (١٩٦٤٠)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٢٢ من طريق ليث، به، وإسناده ضعيف لضعف ليث، وهو ابن أبي سليم. وانظر: المسند الجامع ١١/ ٣٥٢ (٨٨١٩).