قال أبو عُمر: رُوي عن ابن عُمرَ: أنَّهُ كرِهَ الهِميانَ والمِنْطقةَ للمُحرِم (١)، ورُوي عن ابن عبّاس: أنَّهُ أجازَ ذلك للمُحرِم (٢).
وكذلكَ رُوي عن عائشةَ، أنَّها قالت: أوثِقْ عليك نفقتَك (٣).
وأجازَ ذلك جماعةُ فُقهاءِ الأمْصارِ، مُتقدِّمُوهُم ومُتأخِّرُوهُم. وعن جماعةٍ من التّابِعينَ بالحِجازِ والعِراقِ مِثلُ ذلكَ.
وقال إسحاقُ بن راهُوية: ليسَ لهُ أن يعقِدَ السُّيُورَ، ولكِن يُدخِلُ بعضَها في بعض.
وقال مالكٌ (٤): أحَبُّ ما سمِعتُ إليَّ في ذلك، ما حدَّثني يحيى بن سعيدٍ، عن سعيدِ بن المُسيِّبِ: أنَّهُ كان يقولُ في المِنْطقةِ يلبسُها المُحرِمُ تحت ثيابِهِ: إنَّهُ لا بأسَ بذلك، إذا جعلَ في طَرَفيها جميعًا سُيُورًا، يعقِدُ بعضَها إلى بعضٍ.
وقال ابنُ عُليَّةَ: قد أجمعُوا على أنَّ المُحرِمَ (٥) لهُ أن يعقِدَ الهِميانَ والإزارَ على وَسَطِهِ، والمِنْطقةُ مِثلُ ذلك.
واختلفُوا في المُحرِم يَعصِبُ رأسَهُ وجَسَدَهُ عن ضرُورةٍ.
فقال مالكٌ: لا يفعلُ ذلك أحدٌ إلّا من ضرُورةٍ، فإن فعلَ ذلك من غيرِ ضرُورةٍ، فعليه الفِديةُ، وسواءٌ عندَهُ في ذلك الرَّأسُ والجسدُ.
وقال أبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ: إن عصَبَ رأسَهُ يومًا إلى اللَّيلِ، فعليه صَدَقةٌ، وإن عصَبَ بعضَ جَسدِهِ، فلا شيءَ عليه (٦).
(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٣٩ (٩١٢) دون ذكر الهميان. (٢) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٥٦٩٦). (٣) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (١٥٦٨٦). ولفظه: "أوثق نفسك في حقويك". (٤) أخرجه في الموطأ ١/ ٤٣٩ (٩١٣). (٥) زاد هنا في الأصل، م: "ليس". (٦) انظر: المبسوط لمحمد بن الحسن ٢/ ٤٨٢.