واختلفُوا إذا كان في بَطْنِها ولدانِ، فوَضَعت أحَدَهُما، هل تَنْقضي بذلك عِدَّتُها؟
فقال مالكٌ (١)، والشّافِعيُّ، وأبو حَنِيفةَ، والثَّوريُّ، والأوزاعيُّ، وأكثرُ أهلِ العِلم: لا تَنْقضي عِدَّتُها حتّى تضَعَ جميعَ حَمْلِها، وإن وضَعَتْ ولدًا، وبقِيَ في بَطْنها آخَرُ، فلِزَوْجِها عليها الرَّجعةُ، إذا لم يبتَّ طَلاقَها ثلاثًا، حتّى تضَعَ الولدَ الثّاني.
وقال آخرُونَ: إذا وضَعَتْ أحدَهُما، فقدِ انْقَضَت عِدَّتُها. ورُوِيَ ذلكَ عن عِكْرِمةَ، والحسنِ وإبراهيمَ.
وقد رُوِي عن الحسنِ وإبراهيمَ خِلافُ ذلك: أنَّ زوجَها أحقُّ بها ما لم تَضَع الآخرَ، وعلى هذا القولِ النّاسُ.
وقد أجمعُوا على أنَّها لا تَنكِحُ وفي بَطنِها ولدٌ، فبانَ بإجماعِهِم هذا خطأُ قولِ من قال: إنَّها تَنْقضي عِدَّتُها بوَضْع أحدِهِما.
وذكر أبو بكر بن أبي شَيْبةَ، قال (٢): حدَّثنا عبدُ الأعلى، عن سَعيدٍ، عن قَتادةَ، عن عِكْرِمةَ، قال: إذا وضَعتْ أحدَهُما، فقَدِ انْقَضت عِدَّتُها، قيل لهُ: فتُزوَّجُ؟ قال: لا. قال قَتادةُ: خُصِمَ العبدُ.
قال (٣): وحدَّثنا أبو داودَ، عن هشام، عن حمّادٍ، عن إبراهيمَ، في رَجُلٍ طلَّقَ امرأتهُ وفي بَطْنِها ولدانِ، قال: هُو أحقُّ برَجْعتِها ما لم تَضَع الآخرَ، وتلا:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤].
(١) انظر: المدونة ٢/ ٤. (٢) في المصنَّف (١٩١٦٢). (٣) ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٩١٥٤).