للجُمُعةِ وللوُفُودِ، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما يَلْبسُ الحريرَ في الدُّنيا مَنْ لا خَلاقَ لهُ في الآخِرةِ"(١).
وكذلكَ في رِوايةِ سالم، عن أبيهِ لهذا الحديثِ: أنَّ الرَّجُل عُطارِدٌ، أو لبيدٌ.
ورواهُ الزُّهريُّ، عن سالم، عن ابن عُمرَ، إلّا أنَّ في حديثِ سالم: حُلَّةً من إسْتَبرقٍ. والإسْتَبرقُ: الحريرُ الغليظُ. وفيه أيضًا: ثُمَّ أرسلَ إليه بحُلَّةِ ديباج، وقال فيها:"تَبِيعُها، وتُصِيبُ بها حاجَتَكَ"(٢).
وسالمٌ أجلُّ من يرويهِ عن ابن عُمرَ من التّابِعينَ وأثبتُهُم فيه، ونافعٌ ثَبَت جِدًّا.
فأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ:"حُلَّة سَيْراءَ" فإنَّ أهلَ العِلم يقولُونَ: إنَّما (٣) كانت حُلَّةً من حريرٍ، ولا يختلِفُونَ - في الثَّوبِ المُصمتِ الحريرِ الصَّافي الذي لا يُخالِطُهُ غيرُهُ - أَنَّهُ لا يحِلُّ للرِّجالِ لِباسُهُ، واختلفُوا في الثَّوبِ الذي يُخالِطُهُ الحريرُ، على ما نَذكُرُهُ في هذا البابِ إن شاءَ الله.
وأمّا أهلُ اللُّغةِ، فإنَّهُم يقولُونَ: الحُلَّةُ السِّيَراءُ، هي التي يُخالِطُها الحَريرُ.
قال الخليلُ بن أحمدَ (٤): السِّيَراءُ: بُرُودٌ يُخالِطُها حريرٌ. وقال غيرُهُ: هي ضُرُوبٌ من الوَشْي والبُرُودِ.
(١) أخرجه أبو عوانة (٨٤٩٣)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٤٤، وفي شرح مشكل الآثار ١٢/ ٣١٧ (٤٨٣٠) من طريق حماد بن زيد، به. (٢) أخرجه البخاري (٩٤٨، ٦٠٥٤)، ومسلم (٢٠٦٨) (٨)، وأبو داود (١٠٧٧، ٤٠٤١)، والنسائي في المجتبى ٣/ ١٨١، وفي الكبرى ٢/ ٢٩٧ (١٧٧٢)، وأبو عوانة (٨٤٩٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٤٥، وفي شرح مشكل الآثار ١٢/ ٣١٨ (٤٨٣٢)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٢٨٠، من طريق الزهري، به، ولم يذكر فيه لبيدًا إلا الطحاوى. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٥٧٩ - ٥٨٠ (٧٩١٨). (٣) في م: "إنها". (٤) انظر: العين ٧/ ١٩١.