وقد ذهَبَ قومٌ من أهلِ العِلم، إلى أنَّ حديثَ نَوْفلِ بن مُعاويةَ أعمُّ وأولَى بصحيح المعنَى من حديثِ ابنِ عُمر، وقالوا فيه: قولُهُ: "من فاتَتهُ الصَّلاةُ" أو "من (١) فاتَتَهُ صلاةٌ"، يُريدُ: كلَّ صَلاةٍ؛ لأنَّ حُرمةَ الصَّلواتِ كلِّها سَواءٌ.
قال: وتَخْصيصُ ابن عُمرَ لصَلاةِ العَصْرِ، هُو كلامٌ خرجَ على جوابِ السّائلِ، كأنَّهُ سمِعَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أجابَ من سألَهُ عن صَلاةِ العَصْرِ، بأنْ قال له:"الَّذي تَفُوتُهُ صلاةُ العَصرِ، فكأنَّما وُتِرَ أهلَهُ ومالهُ". ولو سُئلَ عن الصُّبح وغيرِها، كانَ (٢) كذلكَ جَوابُهُ أيضًا واللّه أعلمُ، بدليلِ حَديثِ نَوْفلِ بن مُعاويةَ:"الَّذي تفُوتُهُ الصَّلاةُ - أو: تفُوتُهُ صلاةٌ، فكأنَّما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ".
حدَّثنا أحمدُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن الفضلِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جَرِير، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله بن عبدِ الحكم، قال: حدَّثنا ابنُ أبي فُديكٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي ذِئبٍ، عن ابنِ شِهاب، عن أبي بكر بن عبدِ الرَّحمنِ بن الحارِثِ بن هشام، عن نَوْفلِ بن مُعاويةَ الدِّيليِّ، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من فاتَتَهُ الصَّلاةُ، فكأنَّما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ"(٣).
وفي هذا الحديثِ: تعظيمٌ لعَملِ الصلاةِ في وَقْتِها، وهي خيرُ أعمالِنا، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "واعلموا أنَّ (٤) خيرَ أعمالكم الصَّلاةُ"(٥). وقد سُئل - صلى الله عليه وسلم -، عن أيِّ الأعمالِ
(١) في م: "وقد" بدل: "أو من". (٢) في م: "كان". (٣) أخرجه البيهقي في الكبرى ١/ ٤٤٥، من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، به. وأخرجه الشَّافعي في مسنده، ص ٢٨، عن ابن أبي فديك، به. (٤) في الأصل: "واعملوا وخير"، وفي م: "واعملوا أن"، وهو تحريف ظاهر، والمثبت يعضده ما في مصادر التخريج. (٥) أخرجه الطَّيَالسي (١٠٨٩)، وأحمد في مسنده ٣٧/ ٦٠ (٢٢٣٧٨)، وابن ماجة (٢٧٧)، وابن حِبَّان ٣/ ٣١١ (١٠٣٧)، والطبراني في المعجم الأوسط ٧/ ١١٦ (٧٠١٩)، وفي الصغير ١/ ٢٧ (٨)، =