فالوُضُوءُ الأوَّلُ عِندِي: الاستِنجاءُ بالماءِ، لأنَّهُ لم يُحفَظ عنهُ قطُّ، أنَّهُ تَوضَّأ لصَلاةٍ واحِدةٍ مرَّتينِ، وإن كان يَتَوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ.
وتحمِلُ قولُهُ: الصَّلاةُ. أي: توضَّأ لها، إذ رآهُ اقتصَرَ على الاسْتِنجاءَ، ويحتمِلُ غيرَ ذلكَ، واللّه أعلمُ.
وقد رَوَى عبدُ الله بن أبي مُلَيكةَ، عن أُمِّهِ، عن عائشةَ، قالت: بالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاتَّبعهُ عُمرُ بكُوزٍ من ماءٍ، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لم أُومَرْ أن أتوضَّأ كلَّما بُلْتُ، ولو فَعَلتُ، لكانت سُنَّةً"(١). وهذا على ما قُلنا، وباللّه التوفيق.
ففي هذا الحديث: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَسْتنجي بالماءِ، على حَسَبِ ما ذكرنا.
ومن بينِ ما يُروَى في استِنجاءِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالماءِ، ما رَواهُ سعيدُ بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن مُعاذَةَ (٢)، عن عائشةَ، أنَّها قالت لنِسْوةٍ عِندَها: مُرْنَ أزواجَكُنَّ أن يغسِلُوا عنهُم أثرَ الغائطِ والبَوْل، فإنِّي أسْتَحيهُم، وإنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَفعلُهُ. ذكرهُ يعقُوبُ بن شَيْبةَ، عن يزيدَ بن هارُون، عن سَعيد (٣).
وحدَّثنا سعيدُ بن نَصْرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٥٩٧)، وإسحاق بن راهوية (١٢٦٢)، وأحمد في مسنده ٤١/ ١٨٧ (٢٤٦٤٣)، وأبو داود (٤٢)، وابن ماجة (٣٢٧)، وأبو يعلى (٤٨٥٠) من طريق عبد الله بن أبي مليكة، به. (٢) في ض، م: "عن معاذ"، تحريف، وهي معاذة بنت عبد الله العدوية، أم الصهباء البصرية. انظر: تهذيب الكمال ٣٥/ ٣٠٨. (٣) أخرجه أحمد في مسنده ٤٣/ ١٣٥ (٢٥٩٩٤) من طريق يزيد بن هارون، به. وأخرجه إسحاق بن راهوية (١٣٧٩)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (١٦٢٩)، وأبو يعلى (٤٥١٤) من طريق سعيد بن أبي عروبة، به.