قال مالكٌ: وعلى هذا الأمرُ عِندَنا فيمن حُصِرَ بالعدُوِّ، كما حُصِرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ، فأمّا من حُصِرَ بغيرِ عدُوٍّ، فإنَّهُ لا يَحِلُّ دُونَ البيت (١). وقولُ الشّافِعيِّ في هذا البابِ كلِّهِ، كقولِ مالكٍ سَواءٌ.
واختلفُوا إذا حَصَرهُ العدُوُّ بمكّةَ (٢).
فقال مالكٌ: يَتحلَّلُ بعَمَلِ عُمرةٍ، كما لو حَصَرهُ العدُوُّ في الحِلِّ، إلّا أن يكونَ مكِّيًّا، فيخرُجَ إلى الحلِّ، ثُمَّ يتحلَّل بعُمرة (٣).
وقال الشّافِعيُّ: الإحصارُ بمكّةَ وغيرِها سواءٌ.
وقال أبو حنيفةَ: إذا أتى مكّةَ مُحرِمًا بالحجِّ، فلا يكونُ محُصرًا.
وقال مالكٌ: من وقفَ بعرَفةَ، فليسَ بمُحصرٍ، ويُقيمُ على إحرامِهِ، حتّى يطُوفَ بالبيتِ ويَهدي (٤). ونحوَ ذلك قال أبو حَنِيفةَ، وهُو أحَدُ قولي الشّافِعيِّ.
وقال الحسنُ بن حيٍّ: يكونُ مُحصَرًا. وهُو أحدُ قولي الشّافِعيِّ أيضًا.
وقال مالكٌ: من فاتَهُ الحجُّ، تحلَّل بعَملِ عُمرةٍ، وعليه الحجُّ من قابِلٍ والهديُ. وهُو قولُ الثَّوريِّ.
وقال أبو حنيفةَ: يتَحلَّلُ بعُمرةٍ، ولا هَدْيَ عليه، وعليه الحجُّ من قابل (٥).
وقال الأوزاعيُّ: يعمَلُ ما أدرَكَ من عَملِ الحجِّ ويقضي.
واختلفَ أهلُ اللُّغةِ في لفظِ الإحصارِ، والحَصْرِ، فقال بعضُهُم: أحْصَرهُ
(١) انظر: الاستذكار ٤/ ١٧٠. (٢) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٩٢ (٦٥٤) ومنه ينقل. (٣) وانظر: الاستذكار ٤/ ١٨٢. وانظر فيه أيضًا ما بعده. (٤) وانظر: الاستذكار ٤/ ١٧٢، وانظر فيه أيضًا ما بعده. (٥) وانظر: الاستذكار ٤/ ١٨٢.