وذكر يعقوبُ بن شَيْبةَ، قال: حَدَّثَنَا مُعاويةُ بن عُمرو، قال: حَدَّثَنَا زائدةُ، عن منصُورٍ، عن شقيقٍ، قال: خرجتُ مع مسرُوقٍ إلى السِّلسِلةِ حينَ استُعمِلَ عليها، فلم يَزَل يَقصُرُ حتّى بلغَ، ولم يزل يقصُرُ في السِّلسِلةِ حتّى رجَعَ، فقلتُ: يا أبا عائشةَ، ما يحمِلُكَ على هذا؟ قال: اتِّباعُ السُّنَّةِ (١).
وقال أبو جمرةَ (٢) نصرُ بن عِمران: قلتُ لابنِ عبّاسٍ: إنّا نُطيلُ المُقامَ بالغزوِ بخُراسانَ، فكيف تَرَى؟ قال: صلِّ رَكْعتينِ، وإن أقمتَ عشرَ سِنينَ (٣).
قال أبو عُمرَ: مَحْملُ هذه الأحاديثِ عندَنا، على من لا نيَّةَ لهُ في الإقامة لواحد من هؤلاء المقيمين هذه المُدَد المتقاربة، وإنما ذلك (٤) مِثلُ أن يقول: أخرُجُ اليومَ، أخرُجُ غدًا، وإذا كانَ هكذا، فلا عَزِيمةَ هاهُنا على الإقامةِ.
وقال الأثرمُ: سُئلَ أحمدُ بن حَنْبل، عن حديثِ أَنَسٍ: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقامَ عشرًا يقصُرُ الصَّلاةَ (٥). فقال: قدِمَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكَّةَ لصبح رابعةٍ. قال: فرابعةٌ، وخامِسةٌ، وسادِسةٌ، وسابعةٌ، وثامنةٌ يومَ التَّرويةِ، وتاسِعةٌ، وعاشرةٌ. قال: فإنَّما حسَبَ أنسٌ مُقامَهُ بمكَّةَ ومِنًى، لا وجه لحديثِ أَنَسٍ غيرُ هذا. قال أحمدُ: فإذا قدِمَ لصُبح رابعةٍ قصرَ، وما قبل ذلكَ يُتِمُّ. قال: أقام النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليومَ الرّابعَ، والخامِسَ، والسّادِسَ،
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٤٣٥٧)، وابن أبي شيبة (٨٢٠٦)، والطبري في تهذيب الآثار (٤٢٧) من طريق منصور، به. (٢) في م: "أبو حمزة" وهو تصحيف، انظر: مصدري التخريج، وتهذيب الكمال ٢٩/ ٣٦٢. (٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٨٢٨٦)، وابن المنذر في الأوسط (٢٢٨٥) من طريق أبي جمرة، به. (٤) من قوله: "الإقامة لواحد" إلى هنا سقط من الأصل. (٥) أخرجه أحمد في مسنده ٢٠/ ٢٧٤ (١٢٩٤٥)، والدارمي (١٥٠١)، والبخاري (١٠٨١، ٤٢٩٧)، ومسلم (٦٩٣)، وأبو داود (١٢٣٣)، وابن ماجة (١٠٧٧)، والترمذي (٥٤٨)، والنسائي في المجتبى ٣/ ١١٨، ١٢١، وفي الكبرى ٢/ ٣٥٨، ٣٦٢ (١٩٠٩، ١٩٢٣)، وابن خزيمة (٩٥٦، ٢٩٩٦)، وابن حبان (٢٧٥٤) من طريق يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس. وانظر: المسند الجامع ١/ ٣٦٠، ٣٦٢ (٥١٦).