واختُلِفَ فيمن نزعَ خُفَّيهِ وقد مسحَ عليهما، فقال أبو حَنِيفةَ، والشّافعيُّ، وأصحابهما: إذا كان ذلكَ، غسلَ قَدَميهِ (١).
وقال مالكٌ واللَّيثُ، مثل ذلكَ، إلّا أنَّهما قالا: إن غَسَلهما مكانَهُ أجزأه، وإن أخَّرَ غَسْلهما، استأنفَ الوضُوءَ (٢).
وقال الحسنُ بن حَيٍّ: إذا خلَعَ خُفَّيهِ، أعادَ الوضُوءَ من أوَّلهِ. ولم يُفرِّق بين تراخي الغَسْلِ وغيره (٣).
وقال ابن أبي ليلى: إذا نزعَ خُفَّيهِ بعد المسح، صلَّى كما هو، وليسَ عليه غَسْلُ رِجْليهِ، ولا استئنافُ الوضُوءِ. ورُوِيَ عنه: أنَّه يغسلُ رِجْليهِ خاصَّةً.
وعن إبراهيمَ النَّخعيِّ في ذلك ثلاثُ رواياتٍ، إحداها: أنَّهُ لا شيءَ عليه، مثلُ قول ابن أبي ليلى، والحسنِ البصريِّ. والثّانيةُ: أنَّهُ يُعيدُ الوضُوءَ، والثّالثةُ: أنَّهُ يغسلُ قَدَميهِ.
واختلفُوا فيما إذا غسلَ إحْدَى رِجْليهِ، ثمَّ لبِسَ خُفَّهُ، ثمَّ غسلَ الأُخرى ولبِسَ الخُفَّ الآخرَ، هل يمسحُ عليهما إن أحدَثَ (٤)؟
فقال مالكٌ: لا يَمْسحُ عليهما. وبذلكَ قال الشّافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ (٥).
وحُجَّتهم في ذلكَ قولُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، في حديثِ المُغيرةِ بن شُعبةَ، من رِوايةِ الشَّعبيِّ، عن عُروةَ بن المُغيرةِ، عن المُغيرةِ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال لهُ حينَ أهْوَى ليَنْزعَ خُفَّيهِ:"دعِ الخُفَّينِ، فإنِّي أدخلتُ القَدَمينِ فيهِما وهُما طاهِرتانِ"(٦).
(١) انظر: الاستذكار ١/ ٢٢٢. (٢) وينظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٤٠. (٣) انظر: الاستذكار ١/ ٢٢٣، وانظر فيه أيضًا ما بعده، إلى قول إبراهيم النخعي. (٤) انظر التفاصيل في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٤٠ - ١٤١. (٥) انظر: الاستذكار ١/ ٢٢٥. (٦) سلف تخريجه.