وأمَّا ثَمَنُ الكلبِ فمُخْتَلَفٌ فيه، فظاهِرُ الحديثِ يشهَدُ لصِحَّةِ قول مَن نَهى عنه وحَرَّمَه. وأمَّا اختلافُ العلماءِ في ذلك، فقال مالك في "موطئِه"(٢): أكرَهُ ثَمَنَ الكلبِ الضَّاري وغيرِ الضَّاري لنَهْي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثَمَنِ الكلب.
قال أبو عُمر: رُوِي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه نَهى عن ثَمَنِ الكلبِ مِن خمسةِ أوجُهٍ، مِن حديثِ عليِّ بنِ أبي طالب (٣)، وابنِ عباس، وأبي مسعود، وأبي هريرة،
(١) قوله: "وقال علقمة" سقط من ف ٢، وفي م: "وقال غيره"، وما أثبتناه من بقية النسخ، وهو الصواب. وهو علقمة بن عَبَدة التميميّ، الملقّب بعلقمة الفَحْل، والبيت في ديوانه ص ١٣١، بلفظ: "أحْبُوه" بدل "أحلوه". وهو في الصحاح واللسان وتاج العروس مادة (حلا) منسوبًا إليه كرواية المصنِّف. (٢) ٢/ ١٨٦ (١٩١٩). (٣) أخرجه ابن وهب في موطئه (١٢) عن شمر بن نُمير عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جدِّه، عنه رضي الله عنه قال: "نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب العقور". ومن طريق عبد الله بن وهب أخرجه ابن عديّ في الكامل ٤/ ٤٣ (٩٠٢)، وابن حزم في المحلّى ٩/ ١١. وإسناده ضعيف جدًّا، لضعف شِمْر بن نمير وشيخه، فقد نقل الذُّهبي في المغني ١/ ٣٠٠ (٢٧٩٤) عن الجوزجاني قوله: "كان غير ثقة"، وكذا نقل الحافظ ابن حجر عنه في لسان الميزان ٤/ ٢٦٠ (٣٨٢٨) وعن البخاري في الأوسط قوله: "تركه عليٌّ". وشيخه حسين بن عبد الله بن ضُميرة: ابن أبي ضميرة، قال ابن عدي ٤/ ٤٣: "وشمر عندي أحسن حالًا من حسين، هذا أحاديثه منكرة"، وقال أحمد بن حنبل كما في العلل ٣/ ٢١٣ (٤٩٢٢): "لا يسوى شيئًا"، وكذا نقل الذهبي في ميزان الاعتدال ١/ ٥٣٨ تضعيفه عن غير واحد. وقال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ ٥/ ٢٥١٣ (٥٨٢٧): "وهذا لا ندري على مَن نحمله؟ على شِمْر، أو على حسسين، فإنهما ضعيفان". ويروى بإسناد آخر ضعيفٍ أيضًا عن عليٍّ، أخرجه ابن عديّ في الكامل ٥/ ٢٣٦ من طريق عبد الجبار بن العباس، عن غريب بن مرثد، عن عبد الرحمن الإياميّ، عن الحارث الأعور، =