فتكونَ قارِنَةً مُدْخِلَةً للحجِّ على عُمْرَتِها (١)، إذْ لم يُمْكِنْها الطوافُ بالبيتِ لحيضِها، وخَشِيت فَوتَ عرفةَ.
قالوا: وليس في روايةِ مَن روَى عن عائشةَ: كنَّا مُهِلِّينَ بالحجِّ، وخرَجْنا لا نرَى إلَّا الحجَّ، بيانُ أنَّها كانت هي مُهِلَّةً بالحجِّ، وإنَّما هو استِدْلالٌ؛ لأنَّه يحتَمِلُ أن تكونَ أرادَتْ بقولها: خَرَجْنا؛ تَعني: خرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه مُهِلِّين بالحجِّ. تُريدُ بعضَ أصحابِه، أو أكثرَ أصْحابِه، واللهُ أعلمُ. وليس الاستِدلالُ المحتَمِلُ للتَّأويلِ كالصريحِ، وقد صرَّح جابرٌ بأنَّها كانت يومَئِذٍ مُهِلَّةً بعُمرَةٍ كما قال عروةُ عنها. وقالوا: والوَهمُ الذي دخَلَ على عروةَ، واللهُ أعلمُ، إنَّما كان في قولِه:"انقُضِي رأسَكِ وامتَشِطي، ودَعي العمرةَ وأهلِّي بالحجِّ".
أخبرنا سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسِمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعِيلَ، قال: حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، قال (٢): حدَّثنا سفيانُ، قال: حدَّثنا الزهريُّ، عن عروةَ، عن عائشةَ قالت: خرَجنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"مَن أراد منكم أن يُهِلَّ بالحجِّ فلْيُهِلَّ، ومن أراد منكم أن يُهِلَّ بحجٍّ وعمرةٍ فلْيُهِلَّ، ومَن أراد أن يُهِلَّ بعمرةٍ فلْيُهِلَّ". قالت عائشةُ: وأهلَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجِّ، وأهلَّ به ناسٌ معه، وأهلَّ ناسٌ بالحجِّ والعمرةِ، وأهَلَّ ناسٌ بالعمرةِ، وكنتُ ممَّن أهَلَّ بالعمرةِ. قال سفيانُ: ثم غَلَبني الحديثُ، فهذا الذي حَفِظْتُ منه.
فهذا واضِحٌ في أنها كانت مُهِلَّةً بعُمرةٍ.
(١) سيأتي تخريجه بعد قليل. (٢) في مسنده (٢٠٣)، وأخرجه أحمد بن المسند ٤٠/ ١١٢ (٢٤٠٩٣) عن سفيان بن عيينة، به. وأخرجه مسلم (١٢١١) (١١٤)، وابن الجارود في المنتقى (٤٢١)، وابن خزيمة في صحيحه ٤/ ١٦٥ (٢٦٠٥) من طرق عن سفيان، به.