فليَفعَلْ". قالت عائشةُ: فالآخِذُ بذلك مِن أصحابِه والتَّارِكُ. وفي حديثِ عثمانَ بنِ عمرَ: وكان معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ومع ناس مِن أصحابِه الهدْيُ، فلم تكنْ لهم عمرةٌ. ثم رجَع إلى حديثِ حاتِم، قال: فلم يَحلُّوا. قالت: فدخَل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبْكي، وقد أهلَلْتُ بالحجِّ، فقال: "ما يُبكِيكِ؟ "، فقلتُ: حُرِمْتُ العُمرةَ، لستُ أُصَلِّي. قال: "إنما أنتِ امرأةٌ مِن بني آدَمَ، كَتَب اللهُ عليكِ ما كتَب عَلَيْهِنَّ، فكوني على حَجِّكِ، عسى اللهُ أن يَرزُقَكِها". وذكرَ تمامَ الحديثِ (١).
ألا ترَى إلى قولها في هذا الحديثِ: وقد أهلَلْتُ بالحجِّ، وقولِه: "فكوني على حَجِّكِ"، وقولها في حديثِ حمادِ بنِ سلمةَ: لبَّينَا بالحجِّ (٢)، وفي حديثِ أفلَحَ بنِ حُميدٍ: خرَجْنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مهلِّين بالحجِّ في أشْهُرِ الحجِّ؟ فهذه الألفاظُ مع ما تَقَدَّم مِن قولها في روايةِ الحفاظِ أيضًا: خرَجنا لا نرَى إلَّا الحجَّ. دليلٌ على أنَّها لم تكنْ مُعتَمِرَةً ولا مُهِلَّةً بعُمْرةٍ كما زَعَم عُروةُ، واللهُ أعلمُ، وإذا لم يكنْ ذلك (٣)، فكيف يأْمُرُها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - برَفْضِ عُمرَةٍ وهي مُحرِمَةٌ بحجَّةٍ لا بعمرةٍ؟!
قال إسماعيلُ بنُ إسحاقَ: قد اجتَمع هؤلاء - يَعني القاسِمَ، وعَمْرَةَ، والأسودَ - على الرِّوايَةِ التي ذكرنا، فعَلِمنا بذلك أنَّ الرِّوايَةَ التي رُوِيَت عن
(١) أخرجه النسائي في الكبرى ٤/ ٢٤٣ (٤٢٢٨)، وأبو نعيم في المستخرج (٢٨٠٣) من طريق هنّاد بن السَّريّ عن حاتم بن إسماعيل، به. وأخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ١٦١ (١٠٠٢٤) من طريق الحسن بن مكرم عن عثمان بن عمر، به. وهو عند أحمد في المسند ٤٢/ ٤٧٣ (٢٥٧٢٢)، والبخاري (١٥٦٠) و (١٧٨٨)، ومسلم (١٢١١) (١٢٣) من طرق عن أفلح بن حميد بن نافع المدنيّ، به. (٢) من هنا إلى قوله: "مهلِّين بالحجّ" سقط من م، وهو ثابت في النسخ. (٣) في ج، م: "فإذا لم يكن كذلك"، والمثبت من الأصل، ف ٢.