فلا كفّارةَ عليه لإفطارِه الثاني إذا كان في شهرٍ واحدٍ (١). واختُلف عن الثوريِّ، فرُوِيَ عنه مثلُ قول أبي حنيفةَ روايةَ أبي يوسفَ، ورُوِيَ عنه غيرُ ذلك.
وأمّا قولُه في الحديث: فأُتيَ بعَرَقِ تمر. فأكثرُهم يرويه بسكونِ الراءِ، والصواب عندَ أهلِ الإتقانِ فيه فتحُ الراء، وكذلك قولُ أهل اللُّغة (٢). وقد زعَم ابنُ حبيبٍ أنَّه ما رواه مُطرِّفٌ عن مالكٍ إلّا بتحريكِ الرّاءِ وبالفتح. قال: والعَرْقُ بتسكين الرّاءِ هو العظمُ. قال: وتأويلُ العَرَقِ، بفتح الرّاءِ: المِكتلُ العظيمُ الذي يسَعُ قدرَ خمسةَ عشَرَ صاعًا؛ وهو ستُّونَ مُدًّا، كذلك سمِعتُ مُطرِّفًا وابنَ الماجشون يقولان (٣). قال عبدُ الملك بنُ حبيبٍ: وإنَّما سُمِّيَ العَرَقَ لضَفْرِه؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ مضفورٍ فهو عَرَق، ولذلك سُمِّيَ المِكْتلُ عَرَقًا؛ لأَنَّه مضفورٌ بالخُوص، قال أبو كبير الهُذَليُّ:
نَغْدو فنترُكُ في المزاحفِ مَن ثوَى ... ونُمِرُّ في العرَقاتِ من لَمْ نقتُلِ
يقول: نأسِرُهم فنشُدُّهم في العَرَقات، يعني النُّسوع (٤)؛ لأنَّها مضفورةٌ. قال: وكلُّ شيءٍ مُصطفٍّ مثلَ الطَّير إذا صَفَّت في السَّماء، فهي عَرَقةٌ؛ لأنَّها شُبِّهَت بالشيء المضفور (٥).