جلَّ ذِكرُه:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}[الأعلى: ١]، وهذا من العُلُوِّ، وكذلك قولُه:{الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[البقرة: ٢٥٥]، {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}[الرعد: ٩]، و {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ}[غافر: ١٥]، و {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}[النحل: ٥٠]، والجَهْمِيُّ يزعمُ أنه أسفلُ، وقال جلَّ ذكرُه:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ}[السجدة: ٥]، وقولُه:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}[المعارج: ٤]، وقال لعيسى {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}[آل عمران: ٥٥]، وقال:{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}[النساء: ١٥٨]، وقال:{فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}[فصلت: ٣٨]، وقال:{وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ}[الأنبياء: ١٩]،، وقال: {لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (٢) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: ٢، ٣]، والعُروجُ هو الصعود (١). وأمّا قولُه تعالى:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ}[الملك: ١٦]، فمعناه: مَن على السَّماء. يعني: على العرش. وقد يكونُ "في "بمعنى "على"، ألا تَرَى إلى قوله تعالى:{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}[التوبة: ٢]، أي: على الأرض، وكذلك قولُه:{وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه: ٧١]، وهذا كلُّه يعضُدُه قولُه تعالى:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}[المعارج: ٤]، وما كان مثلَه ممّا تَلَوْنا من الآياتِ في هذا الباب.
وهذه الآياتُ كلُّها واضحاتٌ في إبطالِ قولِ المعتزلة. وأمّا ادِّعاؤُهم المجازَ في الاستواء، وقولهُم في تأويل:{اسْتَوَى}: استَوْلَى (٢). فلا معنى له؛ لأنَّه غيرُ
(١) انظر: الرد على الجهمية والزنادقة لأحمد بن حنبل، ص ١٤٦، ورسالة أبي الحسن الأشعري إلى أهل الثغر، ص ١٣٠ - ١٣١. (٢) انظر: رسالة الأشعري إلى أهل الثغر ص ١٣١، والإبانة، له ص ١٠٨، ونسب هذا القول للمعتزلة والجهمية والحرورية.