وفي "آمين" لغتان، المدُّ والقصرُ، مثل: أوَّهُ وآوَّه. قال الشاعر (١)، فمدَّ:
* ويرحمُ اللهُ عبدًا قال آمينا *
وقال آخرُ (٢)، فقصر:
تباعَد منِّي فُطْحُلٌ إذ دعوتُهُ ... أمينَ، فزاد اللهُ ما بينَنا بُعدا
وفي هذا الحديثِ أيضًا أن الإمامَ يقولُ: آمينَ، لقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمَّن الإمامُ فأمِّنوا". ومعلومٌ أن تأمينَ المأموم قولُه: آمينَ. فكذلك يجبُ أن يكونَ قولُ الإمام سواءً، لأن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد سوَّى بينَهما في اللفظ، ولم يقلْ: إذا دعا الإمامُ فأمِّنوا. وهذا موضعٌ اختلَف فيه العلماءُ، فروَى ابنُ القاسم عن مالكٍ، أن الإمامَ لا يقولُ: آمينَ، وإنما يقولُ ذلك مَن خلفَه دونَه، وهو قولُ ابنِ القاسم والمصريين من أصحابِ مالكٍ (٣)، وحجتُهم ظاهرُ حديثِ سميٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا قال الإمامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين". وسيأتي القولُ في حديث سُمَيٍّ في بابه من هذا الكتاب إن شاء اللهُ (٤)، ومثلُ حديثِ سُمَيٍّ حديث أبي موسى الأشعريِّ (٥)، قالوا: ففي هذا الحديث دليلٌ على أن الإمامَ يقتصرُ على قراءة: {وَلَا الضَّالِّينَ}
(١) هو قيس بن المُلوِّح المعروف بمجنون ليلى، وهذا الشطر هو عجز بيت صدرُه: يا ربِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أبدًا انظر ديوانه ص ٢١٩، وتاج العروس بشرح القاموس مادة (أمن). (٢) هو جبير بن الأضبط، انظر: تاج العروس مادة (فطحل). وفطحل كقُنفُذ اسمُ رجُلٍ. (٣) انظر: جامع الأمهات لابن الحاجب ص ٩٤. (٤) الموطأ ١/ ١٤٠ (٢٣٢). (٥) أخرجه أحمد ٣٢/ ٣٦٦ (١٩٥٩٥)، ومسلم (٤٠٤)، وأبو داود (٩٧٢) و (٩٧٣)، والنسائي (٨٣٠).