أني لم أجدْ في نفسي لأحدٍ من المسلمين غشًّا، ولا أحسُدُه على خيرٍ أعطاه اللهُ إيّاهُ. فقلتُ: هو الذي بلَغ بك، وهو الذي لا نُطيقُ.
قال أبو عمر: قد ذمَّ اللهُ عزَّ وجلَّ قومًا على حَسَدِهم آخَرين آتاهم اللهُ من فضلِه، فقال:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النساء: ٥٤]، وقال تعالى:{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}[النساء: ٣٢].
أخبرنا أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ محمدِ بنِ عليٍّ، أنَّ أباه أخبره، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ يونُسَ، قال: حدَّثنا بَقيُّ بنُ مَخْلَدٍ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ بنُ أبي شيبةَ، قال (١): حدَّثنا حفصُ بنُ غِياثٍ، عن الأعمشِ، عن أبي إسحاقَ، عن عمرِو بنِ ميمونٍ، قال: لما رفعَ اللهُ (٢) موسى نجيًّا، رأى رجلًا متعلِّقًا بالعرشِ، فقال: يا ربِّ، من هذا؟ قال: هذا عبدٌ من عبادي صالحٌ، إن شئتَ أخبَرتُك بعملِه. قال: يا ربِّ، أخبِرْني. قال: كان لا يحسُدُ الناسَ على ما آتاهم اللهُ مِن فضلِه.
قال: وحدَّثنا أبو بكرٍ (٣)، قال: حدَّثنا غُندَر، عن شعبةَ، عن أبي رجاءٍ، عن الحسنِ في قوله:{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا}[الحشر: ٩]. قال: الحسدُ.
(١) في المصنَّف (٢٧١١٩) و (٢٧١٢٥)، وأخرجه ابن وهب في جامعه (١٠٨)، وعبد الرزاق في تفسيره ١/ ١٦٥ - ١٦٦، وأحمد في الزهد ١/ ٦٧ من طرق عن أبي إسحاق السَّبيعي، به. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي. (٢) لفظة الجلالة سقط من د ١. (٣) في المصنَّف (١٧١٢٨)، وأخرجه الطبري في تفسيره ٢٣/ ٢٨٤، وأبو الشيخ الأصبهاني في التوبيخ والتنبيه (٧٨)، والمحاملي في أماليه (٤٥٩)، ومن طريقه ابن حجر في تغليق التعليق ٤/ ٣٣٧ من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.