وحدَّثنا محمدُ بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ معاويةَ، قالا جميعًا: حدَّثنا أحمدُ بنُ شعيبٍ النسائيُّ، قال (١): أخبَرنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ، عن مالكٍ، عن سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المَقبُريِّ، عن أبي سَلمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، أنَّه أخبَره أنَّه سأل عائشةَ أمَّ المؤمنين: كيف كانت صلاةُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في رمضانَ؟ فذكَر الحديثَ. وفيه: قالت عائشةُ: فقلتُ: يا رسولَ الله، أتنامُ قبلَ أنْ تُوترَ؟ فقال:"يا عائشةُ، إنَّ عينيَّ تنامانِ، ولا ينَامُ قَلبِي".
وأمَّا قولُه في هذا الحديث:"عرَّسَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-" فلا خلافَ علِمتُه بينَ أهلِ اللغةِ أنَّ التَّعريسَ: نزولُ المسافرينَ في آخرِ الليلِ، ولا يقالُ لمن نزَل أولَ الليلِ: عرَّسَ.
وأمَّا قولُه:"يُهدِّئُه كما يُهدَّأُ الصَّبيُّ" فمعناه: يُسكِّنُه ويُعَلِّلُه حتى نامَ.
خَوْدٌ تُعاطِيكَ بعدَ رَقدتِها ... إذا يُلاقى العيونَ مَهْدَؤُها (٣)
(١) في السنن الكبرى ١/ ٢٣٣ (٣٩٣). (٢) قال القاضي عياض في مشارق الأنوار ٢/ ٢٦٦: وقولُه في بلال: فلمْ يَزلْ يُهدِّئه كما يُهدّأ الصَّبيّ" أي: يُسكِّنه وُينوِّمه. من: هَدّأت الصَّبيَّ: إذا وضعتَ يَدَك عليه لينامَ. وفي رواية المهلَّب "يُهَدِّيه" غير مهموزٍ، على التَّسهيل، ويُقال في ذلك أيضًا: يُهدِّنُه ويُهَدْهِدُه. وقد رُوي "هَدْهَدَه" في حديث بلال، وقبل: هو الأصوب، من: هَدْهَدتِ الأُمُّ ولدَها لينام؛ أي: حرَّكَتْهُ. ووقع في المحكم لابن سيده ٤/ ٢٦٢: "وهَدَنَ الصَّبيَّ وغيرَه يَهْدِنُه وهدَّنَه: سكَّنَه وأرضاهُ"، ونحو ذلك في اللسان (هدف). (٣) البيت في اللسان، وفي تاج العروس مادة (سبأ)، وفي خزانة الأدب للبغدادي ٩/ ٢٢٩. وقوله: "خَوْدٌ" الخَوْدُ: الجارية الحَسَنةُ الخَلْفِ. معجم ديوان الأدب للفارابي ٣/ ٢٩٢.