ورُوِي عن عمرَ بنِ الخطابِ روايتانِ؛ إحدَاهما: أنَّ الكَلالةَ مَن لا وَلَدَ له ولا والِدَ. والأُخرَى: مَن لا وَلَدَ له خاصَّةً. وقد ذكَرنا ذلك. ورُوِي عن عطاءٍ قولٌ شاذٌّ، قال: إنَّ الكَلالَةَ: المالُ (١).
وقد قرَأ بعضُ الكوفيين:(يُورِّثُ كَلالَةً) بكسرِ الراءِ وتشديدِها (٢). وقرَأ الحَسَنُ وأيُّوبُ:(يُورِثُ) بكسرِ الراءِ وتخفِيفِها (٣)، على اختلافٍ عنهما، وعلى هاتينِ الرِّوايتين، لا تكونُ الكَلالَةُ إلَّا الورَثَةَ والمالَ. كذلك حكَى أصحابُ المعانِي.
فمَن قرَأ:{يُورَثُ كَلَالَةً}. بفتحِ الراءِ قال: هو الميِّتُ يُورَثُ كَلالَةً، وجعَل نصبَ "الكَلالةِ" على المصدَر (٤)، كما تقدَّمَ لأبي عُبَيْدةَ (٥)(٦) وغيرِه. ومَن قرَأ:(يُورِثُ كَلَالةً) بكسرِ الراءِ، جعَل الكَلالَةَ الوَرَثَةَ. ومن حُجَّةِ مَن قال بهذا القولِ مع هذه القراءةِ حديثُ جابرٍ الذي تقدَّم ذِكرُه، قولُه: لا يرِثُني إلَّا كلالةٌ (٧).
(١) ذكرها القرطبي في تفسيره ٥/ ٧٧، ونقل عن ابن العربي قوله: وهذا قولٌ طريفٌ لا وَجْهَ له. (٢) وبها قرأ الحسن وأبو رجاء العُطاردي والأعمش كما في معاني القرآن للنحاس ٢/ ٣٧، والمحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات لابن جنِّي ١/ ١٨٢، والمحرر الوجيز لابن عطية ٢/ ١٩. (٣) وأيوب: هو السّختياني، وتروى أيضًا عن الأعمش، ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات ١/ ٨٢، والمحرر الوجيز لابن عطية ٢/ ٢١٩ والبحر المحيط لأبي حيّان ٣/ ٥٤٦. (٤) وعلى هذا فتقدير: تكلَّلَه النَّسبُ كَلالةً؛ والمعنى: أحاطَ به. وإذا لم يترك والدًا ولا ولدًا فقد انقطع طَرَفا، وهما عمود نَسَبِه، وبَقِيَ مَوْروثُه لمَن يتكلَّلُه نسَبُه؛ أي: يُحيط به من نواحيه كالأكليل. وصوَّب هذا المعنى ابن جرير الطبري في تفسيره ٨/ ٥٨ وقال: فليست منصوبةً على الحال، ولكن على المصدر من معنى الكلام؛ لأنّ معنى الكلام: وإن كان رجلٌ يُورَث مُتكَلّلُه النَّسَبُ كَلالةً؛ ثم تَرك ذِكرَ "متكلِّلُه" اكتفاءً بدلالة قوله: "يُورَثُ" عليه. (وينظر: البحر المحيط لأبي حيّان ٣/ ٥٤٥). (٥) في م: "عبيد". (٦) مجاز القرآن ١/ ١١٩. (٧) سلف تخريجه.