أُمِّ سلمةَ (١)، وحديثِ حفصةَ (٢)، يُروَى عنهنَّ كلِّهِنَّ (٣) وعن غيرِهِنَّ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من وُجوهٍ ثابتةٍ، وقد ذكَر منها مالكٌ حديثَ هشام بنِ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ أنَّها قالت:"إن كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لَيُقبِّلُ بعضَ أزواجِه وهو صائمٌ. ثم تضحَكُ"(٤) عطَف به على حديثِ زيدِ بنِ أسلمَ هذا في الموطَّأ. ونحن نذكُرُ ما رُوِيَ في ذلك من حديثِ عائشةَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في بابِ بلاغاتِ مالكٍ، لأنَّه بلغه أنَّ عائشةَ كانت إذا ذكَرَتْ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يُقبِّلُ وهو صائمٌ تقولُ: وأيُّكم أملَكُ لنفسِه من رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- (٥)؟ ونذكُرُ هاهنا ما رُوِي في ذلك من حديثِ أُمِّ سلمةَ خاصَّةً دونَ غيرِها من الآثارِ؛ إذْ هي التي رُفعَ عنها هذا الحديثُ هاهنا. وباللّه العونُ.
وفي هذا الحديثِ من الفقهِ: أنَّ القُبلةَ للصائم جائزةٌ في رمضانَ وغيرِه، شابًّا كان أو شيخًا، على عُموم الحديثِ وظاهرِه؛ لأنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لم يَقُلْ للمرأةِ: هل زوجُكِ شابٌّ أم (٦) شيخٌ؟ ولو ورَد الشرعُ بالفرقِ بينَهما لما سكَت عنه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّه المبيِّنُ عن الله مُرادَه من عبادِه. وأظنُّ أن الذي فرَّقَ بينَ الشيخِ والشابِّ في القُبلةِ للصائم ذهَب إلى قولِ عائشةَ في حديثها حديث هذا البابِ (٧): وأيُّكم أملَكُ لإرْبِه من رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ أي: أملَكُ لنفسِه وشهوتِه (٨)
(١) سيأتي تخريجه. (٢) أخرجه أحمد في المسند ٤٤/ ٤٢ (٢٦٤٤٦)، ومسلم (١١٠٧) (٧٣)، وابن ماجة (١٦٨٥) من حديث شتير بن شكل عن حفصة، قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُقبِّل وهو صائم". (٣) "كلهن" لم ترد في ج. (٤) الموطأ ١/ ٣٩٣ (٧٩٨)، وهو عند البخاري (١٩٢٨) من طريق مالك، به. وفي آخر بلفظ: "ثم ضحكت" بدل "ثم تضحك". (٥) الموطأ ١/ ٣٩٤ (٨٠٢). (٦) في د ١: "أو". (٧) في د ١: "في حديث هذا الباب"، وأثبتنا ما في ق. (٨) قوله: "أي أملك لنفسه وشهوته" لم يرد في ج.