وروَى معمرٌ، عن ثابتٍ وقتادةَ، عن أنسٍ، قال: لما حُرِّمَت الخمرُ جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كان عندي مالُ يتيم، فاشْتَرَيْتُ به خمرًا، أفَتأْذَنُ لي أن أبيعَها، فأرُدَّ على اليتيم مالَه؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قاتَل اللهُ اليهودَ، حُرِّمَتْ عليهم الثُّروبُ (١)، فباعُوها وأكَلوا أثمانَها". ولم يأذَنْ لهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في بيعِ الخمرِ (٢).
وذكر أبو عبد الله المروَزيُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بشّارٍ، قال: حدَّثنا أبو بكير الحَنَفيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الحميدِ بن جعفرٍ، قال: حدَّثني شَهْرُ بن حوشبٍ، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن تميم الدَّاريِّ، أنّه كان يُهدي (٣) إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - راويةَ من خمرٍ، فلمّا كان العامُ الذي حُرِّمَتْ جاءَ براويةٍ، فلمّا نظَر إليه ضحِك، وقال:"هل شَعَرْتَ أنّها قد حُرِّمَتْ؟ ". فقال: يا رسولَ الله، أفلا أبِيعُها وأنْتَفِعُ بثَمَنِها؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "العَن اللهُ اليهودَ - ثلاثَ مرّاتٍ - انطَلَقوا إلى ما حرَّم اللهُ من شُحوم البقرِ والغنم، فأذابوه، وجعَلوهُ إهالةً (٤)، فابتاعُوا به ما يأكُلون، وإنّ الخمرَ حرامٌ، وثمنَها حرامٌ"(٥).
(١) الثُّروب: جمع الثَّرْب: وهو الشَّحم المبسوط على الأمعاء والمصارين. اللسان (ثرب). (٢) أخرجه عبد الرزاق في الصنف ٩/ ٢١١ (١٦٩٧٠) عن معمر، وقرن مع ثابت وقتادة أبان بن صالح. وأخرجه أحمد في المسند ٢١/ ٨ (١٣٢٧٥)، وأبو يعلى في مسنده ٥/ ٣٨٢ (٣٠٤٢) و ٦/ ١٦٠ (٣٤٣٩)، وابن المنذر في الأوسط ١٠/ ٣٨٣ (٨١٨٢)، وابن حبّان في صحيحه ١١/ ٣٢٠ (٤٩٤٥) من طريق عبد الرزاق عن معمر، به. (٣) في ط: "قال: كان رجل يهدي". (٤) قوله: "جعلوه إهالة" الإهالة: كلُّ ما اؤتُدم به من زُبْد وشحم ودُهنِ سمسم وغيره. وكذلك كل ما علا القِدْر من وَدَك اللحم السَّمين. قاله الأزهري في تهذيب اللغة ٦/ ٢٢٠. (٥) أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة ١/ ١١٠، والطبراني مختصرًا في المعجم الكبير ٢/ ٥٧ (١٢٧٥) من طريق أبي بكر الحنفي، واسمه عبد الكبير بن عبد المجيد، به. =