هشام بن عروةَ، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عَديِّ بن الخِيار، عن رَجُلينِ، قالا: أتيْنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يَقْسِمُ نَعَمَ الصَّدَقة، فسألناه، فصَعَّدَ فينا البَصَرَ وصَوَّب، وقال:"ما شِئْتُما، فلا حقَّ فيها لغنيٍّ ولا لقويٍّ مُكْتَسِبٍ".
ومن حديث عبد الله بن عَمْرو بن العاص، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تَحِلُّ الصَّدقةُ لغنيٍّ، ولا لذي مِرَّةٍ سَويٍّ"(١). وبعضُهم يقولُ فيه:"ولا لذي مِرَةٍ قَويٍّ"(٢).
ومن أحسن ما رأيتُ من أجوبةِ (٣) أئمة الفقهاء في معاني السؤال وكراهيته ومذهب أهل الوَرَعِ فيه، ما حكاه الأثرمُ عن أحمدَ بن حنبل:
أخبرنا عبدُ الله بنُ محمَّدِ بنِ عبد المؤمن، قال: حدَّثنا عبدُ الحميد بن أحمدَ الوَرَّاق، قال: حدَّثنا الخَضِرُ بن داودَ، قال: حدَّثنا أبو بكر الأثرمُ، قال: سَمِعتُ أبا عبد الله - يعني أحمدَ بن حنبل - يُسألُ عن المسألة متى تَحِلُّ؟ فقال: إذا لم يكنْ عندَه ما يُغَدِّيه ويُعشِّيه، على حديث سهلِ ابن الحَنظَليّة (٤). قيل لأبي عبد الله: فإن اضْطر إلى المسألة؟ قال: هي مُباحةٌ له إذا اضْطُرَّ. قيل له: فإن تَعفَّف؟ قال: ذلك خيرٌ له. ثم قال: ما أظُنُّ أحدًا يَموتُ من الجوع، الله يَأتيه برِزْقه. ثم ذكَر حديثَ أبي سعيدٍ الخدريِّ:"مَن اسْتَعفَّ أعَفَّه اللهُ"(٥)، وحديثَ أبي ذرٍّ،
= وابن زنجوية في الأموال (٢٠٦)، وأبو داود (١٦٣٣)، والنسائي في المجتبى (٢٥٩٨)، وفي الكبرى ٣/ ٧٩ (٢٣٩٠)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٧٦٤)، والطحاوي في أحكام القرآن (٧٥٩)، وفي شرح المشكل ٦/ ٣١٦ (٢٥٠٧)، وفي شرح معاني الآثار ٢/ ١٥ (٣٠٠٥) من طريق هشام بن عروة، به. وإسناده صحيح. (١) سلف تخريجه. (٢) سلف تخريجه. (٣) "من أجوبة" لم يرد في د ١. (٤) حديث سهل ابن الحنظلية سلف تخريجه. (٥) سلف تخريجه.