قالوا: والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عَقدَ على ابنةِ الجَوْن، وإنَّما أرسل إليها ليخطبها.
قالوا: ويدلُّ على ذلك ما في «صحيح البخاريِّ»(١) من حديث حمزة بن أبي (٢) أُسَيد عن أبيه، أنَّه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أُتِي بالجَونيَّة، فأُنزِلتْ في بيت أُميمة بنتِ النعمان بن شَراحيل في نخلٍ، ومعها دَايَتُها (٣)، فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:«هَبِي لي نفسَكِ»، فقالت: وهل تَهَبُ المَلِكةُ نفسَها للسُّوقة؟ فأهوى ليضعَ يدَه عليها لتَسْكُن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال:«قد عُذْتِ بمعاذٍ»، ثمَّ خرج فقال: «يا أبا أُسَيد، اكْسُها رَازِقيَّينِ (٤)، وأَلْحِقْها بأهلها».
وفي «صحيح مسلم»(٥) عن سهل بن سعدٍ قال: ذكرتُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأةً من العرب، فأمر أبا أُسَيد أن يرسل إليها، فأَرسل إليها، فقَدِمتْ، فنزلتْ في أُجُمِ (٦) بني ساعدة، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها (٧)، فلمَّا كلَّمها قالت:
(١) برقم (٥٢٥٥). (٢) «أبي» ساقطة من د. (٣) في المطبوع: «دابتها»، تحريف، والمثبت من النسخ موافق لما عند البخاري: «ومعها دَايتُها حاضِنةٌ لها». (٤) الرازقية: ثياب من كتّان بيض طوال، يكون في داخل بياضها زرقة. انظر: «فتح الباري» (٩/ ٣٥٩). (٥) برقم (٢٠٠٧). (٦) هو الحصن. (٧) في المطبوع: «فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءها دخل عليها، فإذا امرأة منكسة رأسها»، والمثبت من النسخ.