والثاني: مطلقٌ، مراد من حكاه عنهم به تطويل هذا الركن للدعاء والثناء. والله أعلم.
فصل
في هديه - صلى الله عليه وسلم - في سجود السهو
ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«إنما أنا بشرٌ، أنسى كما تنسون، فإذا نسيتُ فذكِّروني»(٢). وكان سهوه - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة من إتمام الله نعمته (٣) على أمته وإكمال دينهم، ليقتدوا به فيما يشرعه لهم عند السَّهو. وهذا معنى الحديث المنقطع الذي في «الموطأ»(٤): «إنما أنسى ــ أو أُنسَّى ــ لأَسُنَّ». فكان - صلى الله عليه وسلم - ينسى، فيترتَّب على سهوه أحكامٌ شرعيةٌ تجري على سهو أمته إلى يوم القيامة.
فقام - صلى الله عليه وسلم - من اثنتين في الرباعية، ولم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين قبل السلام، ثم سلَّم. فأُخِذ من هذا قاعدة: أنَّ من ترك شيئًا من أجزاء الصلاة التي ليست بأركان سهوًا، سجد له قبل السلام. وأُخِذ من بعض طرقه: أنه إذا ترك ذلك وشرَع في ركن، لم يرجع إلى المتروك، لأنه لما
(١) انظر: «مصنف عبد الرزاق» (٣/ ١٠٧). (٢) أخرجه البخاري (٤٠١) ومسلم (٥٧٢) من حديث عبد الله بن مسعود. (٣) هذا في ص، ج، مب. وفي غيرها: «إتمام نعمة الله». (٤) برقم (٢٦٤). قال ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٤/ ٣٧٥): «فلا أعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه مسندًا ولا مقطوعًا من غير هذا الوجه، والله أعلم. وهو أحد الأحاديث الأربعة في «الموطأ» التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة، والله أعلم».