المسجد الأعظم ومعنا الشَّعبيُّ، فحدَّث الشَّعبيُّ بحديث فاطمة بنت قيس أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها سكنى ولا نفقةً، ثمَّ أخذ الأسود كفًّا من حصًى فحَصَبَه به، فقال: ويلك تُحدِّث بمثل هذا؟ قال عمر: لا نترك كتاب الله عزّ وجلّ وسنَّة نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأةٍ لا ندري أحفظتْ أم نسيتْ. لها السُّكنى والنَّفقة. قال الله عزَّ وجلَّ:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}[الطلاق: ١].
قالوا: فهذا عمر يُخبر أنَّ سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ لها النَّفقة والسُّكنى، ولا ريبَ أنَّ هذا مرفوعٌ؛ فإنَّ الصَّحابيَّ إذا قال: من السُّنَّة كذا، كان مرفوعًا، فكيف إذا قال: من سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فكيف إذا كان القائل عمر بن الخطَّاب؟ وإذا تعارضت رواية عمر ورواية فاطمة فرواية عمر أولى، لا سيَّما ومعها ظاهر القرآن كما سنذكره.
وقال سعيد بن منصورٍ (١): ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم قال: كان عمر بن الخطَّاب إذا ذكر عنده حديث فاطمة بنت قيس قال: ما كنَّا نَغتَرُّ (٢) في ديننا بشهادة امرأةٍ.
ذِكر طعن عائشة - رضي الله عنها - في خبر فاطمة
في «الصَّحيحين»(٣) من حديث هشام بن عروة عن أبيه قال: تزوَّج
(١) في «سننه» (١/ ٣٦٣). (٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «نغير». وفي «سنن سعيد»: «نجيز». (٣) البخاري (٥٣٢١)، ومسلم (١٤٨١/ ٥٢). واللفظ لمسلم، وسيأتي لفظ البخاري.