وذكر أيضًا (١) عن ابن عبَّاسٍ أنَّه قال: هذا الذي يزعمون أنَّه نهى عن المتعة (٢)، يعني عمر، سمعته يقول: لو اعتمرتُ ثمَّ حججتُ لتمتَّعت.
قال ابن حزمٍ (٣): صحَّ عن عمر الرُّجوع إلى القول بالتَّمتُّع بعد النَّهي عنه، ومحالٌ أن يرجع إلى القول بما صحَّ عنده (٤) أنَّه منسوخٌ.
الثَّالث: أنَّه من المحال أن ينهى عنها وقد قال لمن سأله: هل هي لعامهم ذلك أو للأبد؟ فقال: بل للأبد، وهذا قطعٌ لتوهُّمِ ورود النَّسخ عليها.
وهذا أحد الأحكام الَّتي يستحيل ورود النَّسخ عليها، وهو الحكم الذي أخبر الصَّادق المصدوق باستمراره ودوامه، فإنَّه لا خُلْفَ لخبره.
فصل
العذر الثَّاني: دعوى اختصاص ذلك بالصَّحابة، واحتجُّوا بوجوهٍ:
أحدها: ما رواه عبد الله بن الزُّبير الحميديُّ (٥)، ثنا سفيان عن يحيى بن سعيدٍ، عن المرقّع، عن أبي ذر أنَّه قال: كان فسخُ الحجِّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنا خاصَّةً.
وقال وكيعٌ (٦): ثنا موسى بن عُبيدة، ثنا يعقوب بن زيد، عن أبي ذر قال:
(١) المصدر نفسه. (٢) ك، ج: «متعة الحج». (٣) في «حجة الوداع» (ص ٣٦٣). (٤) ك: «عنه». (٥) في «مسنده» (١٣٢). (٦) رواه من طريقه ابن حزم في «حجة الوداع» (٤١٠). وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي متكلم فيه.