وقد تنازع الإمام أحمد وعلي ابن المديني في الشهادة للعشرة بالجنة، فقال علي: أقول هم في الجنة، ولا أقول أشهد أنهم في الجنة، فقال له الإمام أحمد: متى قلت هم في الجنة فقد شهدت (١). وهذا تصريح منه بأنه لا يشترط في الشهادة لفظة «أشهد». وحديث أبي قتادة من أبين الحجج في ذلك.
فإن قيل: إخبار من كان عنده السَّلَب إنما كان إقرارًا بقوله: هو عندي، وليس ذلك من الشهادة في شيء.
قيل: تضمن كلامه شهادةً وإقرارًا، فقوله (٢): «صدق» شهادةٌ له بأنه قتله، وقوله:«هو عندي» إقرارٌ منه بأنه عنده؛ والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قضى بالسلب بعد البينة، وكان تصديق هذا هو البينة.
فصل
وقوله:«فله سلبه» دليل على أن له سلَبَه كلَّه غيرَ مخموسٍ (٣)، وقد صرح بهذا في قوله لسلمة بن الأكوع لما قتل قتيلًا:«له سلبُه أجمع»(٤).
وفي المسألة ثلاثة مذاهبَ، هذا أحدها.
والثاني: أنه يُخْمَس كالغنيمة، وهذا قول الأوزاعي وأهل الشام (٥)، وهو مذهب ابن عباس (٦) لدخوله في آية الغنيمة.
(١) انظر: «السنة» للخلال (٤٨٩، ٤٩٠) و «اختيارات شيخ الإسلام» للبعلي (ص ٥٢٢). (٢) د، المطبوع: «بقوله»، تصحيف. (٣) المطبوع: «مخمَّس». (٤) أخرجه مسلم (١٧٥٤) من حديث سلمة. (٥) منهم التابعي الفقيه: مكحول. انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٦/ ١١١). (٦) أخرجه عنه ابن أبي شيبة (٣٣٧٦٨، ٣٣٩٦٢) وابن المنذر في «الأوسط» (٦/ ١١١) والبيهقي (٦/ ٣١٢).