واختلف الفقهاء في ذلك، فقال سُحنون: إذا كاتَبَ المسلمُ أهلَ الحرب قُتل ولم يُستتَبْ، وماله لورثته، وقال غيره من أصحاب مالك: يُجلد جلدًا وجيعًا، ويطال حبسه، ويُنفى من (١) موضعٍ يقرب من الكفَّار. وقال ابن القاسم: يُقتل، ولا يُعرف لهذا توبةٌ، وهو كالزِّنديق (٢).
وقال الشَّافعيُّ، وأبو حنيفة، وأحمد (٣): لا يقتل، والفريقان احتجُّوا بقصَّة حاطب، وقد تقدَّم ذِكْر وجه احتجاجهم، ووافق ابنُ عقيل ــ من أصحاب أحمد ــ مالكًا وأصحابَه.
فصل
في حُكْمه في الأسرى
ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الأسرى أنَّه قتل بعضَهم، ومَنَّ على بعضهم، وفادى بعضَهم بمالٍ، وبعضهم بأسرى من المسلمين، واسترقَّ بعضهم، ولكنَّ المعروف أنَّه لم يسترقَّ رجلًا بالغًا.
فقَتَل يومَ بدرٍ من الأسرى: عُقبة بن أبي مُعَيط صبرًا، وطُعيمة بن عديّ (٤)،
(١) ن: «ويبقى في»، خطأ. ي، ز: «عن»، وغير محررة في س، ب. (٢) ينظر «البيان والتحصيل»: (٢/ ٥٣٦ - ٥٣٧)، و «الذخيرة»: (٣/ ٤٠٠). (٣) «وأحمد» ليست في ن وط الهندية. وينظر «الأم»: (٥/ ٦١٠ - ٦١٢)، و «الفروع»: (١٠/ ١١٦ - ١١٧)، و «الإنصاف»: (١٠/ ٢٤٩ - ٢٥٠)، و «شرح السير الكبير»: (٥/ ٢٢٩). وينظر ما سبق (٣/ ١٣٦، ٥١٧). (٤) «صبرًا وطعيمة بن عدي» سقطت من ط الرسالة، وسقطت «صبرًا» من ط الهندية وتحرف «طعيمة» إلى «مطعم». ينظر «الاستيعاب»: (٤/ ١٩٠٤)، و «طبقات ابن سعد»: (٢/ ١٦ - ١٧)، و «مغازي الواقدي»: (١/ ١٤٨).