أبي مليكة يقول: قال عبيد الله بن أبي يزيد: مرَّ بنا أبو لُبابة، فاتبعناه حتى دخل بيته، فإذا رجلٌ رثُّ الهيئة. فسمعته يقول: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«ليس منَّا من لم يتغنَّ بالقرآن». قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسَن الصوت؟ قال: يحسِّنه ما استطاع.
قلت: ولا بدَّ من كشف هذه المسألة، وذكر اختلاف الناس فيها، واحتجاج كلِّ فريق، وما لهم وعليهم في احتجاجهم، وذكر الصواب في ذلك، بحول الله (١) ومعونته.
فقالت طائفة: تُكرَه قراءة الألحان. وممن نصَّ على ذلك أحمد ومالك وغيرهما. فقال أحمد (٢) في رواية علي بن سعيد في (٣) قراءة الألحان: ما تعجبني وهو محدَث. وقال في رواية المرُّوذي: القراءة بالألحان بدعة لا تسمع. وقال في رواية عبد الرحمن المتطبِّب: قراءة الألحان بدعة بدعة. وقال في رواية ابنه عبد الله، ويوسف بن موسى، ويعقوب بن بَخْتان، والأثرم، وإبراهيم بن الحارث: القراءة بالألحان لا تعجبني إلا أن يكون
(١) في حاشية ج بعده زيادة: «وقوته» مع علامة صح. (٢) انظر الروايات الآتية كلها في باب ذكر قراءة الألحان من «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للخلال (ص ١١٦ - ١٢١) إلا رواية المتطبب، فقد نقلها بهذا اللفظ صاحب «طبقات الحنابلة» (٢/ ٧٩). (٣) «في» من م، ق.