وذكر ابن وهب (١): أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ردَّ الغنيمة وودَى القتيل (٢).
والمعروف في السِّيَر خلاف هذا.
وفي هذه القصَّة من الفقه: إجازة الشَّهادة على الوصيَّة المختومة، وهو قول مالك وكثيرٍ من السَّلف، وعليه يدلُّ حديثُ ابنِ عمر في «الصَّحيحين»(٣): «ما حقُّ امرئٍ مسلمٍ له شيءٌ يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيَّته مكتوبةٌ عنده».
وفيها: أنَّه لا يشترط في كتاب الإمام والحاكم البيِّنة، ولا أن يقرأه الإمام والحاكم على الحامل له، وكلُّ هذا لا أصل له من كتابٍ ولا سنَّةٍ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدفع كتبَه مع رسله، ويسيِّرها إلى مَن يكتب إليه، ولا يقرؤها على حاملها، ولا يقيم عليها شاهدين، وهذا معلومٌ بالضَّرورة من هَدْيه وسنَّته.
فصل
في حُكْمه - صلى الله عليه وسلم - في الجاسوس
ثبت أنَّ حاطب بن أبي بلتعة لمَّا جَسَّ عليه، سأله عمرُ ضرْبَ عنقه، فلم يُمَكِّنه، وقال:«وما يدريكَ لعلَّ الله اطَّلع على أهل بدرٍ فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم»(٤). وقد تقدَّم حُكم المسألة مستوفًى.
(١) ذكره أبو طالب القيسي في «الهداية إلى بلوغ النهاية»: (١/ ٧١٢)، وأبو حيان في «البحر المحيط»: (٢/ ٣٨٥). (٢) س، ي: «القتيلين». (٣) البخاري (٢٧٣٨)، ومسلم (١٦٢٧). (٤) تقدم تخريجه.