وقدم عليه - صلى الله عليه وسلم - وفدُ سلامانَ (١) سبعة نفرٍ فيهم حبيب بن عمرو، فأسلموا. قال حبيب: فقلت: أي رسولَ الله ــ صلى الله عليك (٢) ــ ما أفضل الأعمال؟ قال:«الصلاة في وقتها»، ثم ذكر حديثًا طويلًا. وصلَّوا معه يومئذٍ الظهر والعصر، قال: فكانت صلاة العصر أخفَّ من القيام في الظهر.
ثم شَكَوا إليه جدب بلادهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده:«اللهم اسقهم الغيث في دارهم»، فقلت: يا رسول الله, ارفع يديك فإنه أكثر وأطيب، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفع يديه حتى رأيتُ بياض إبطيه ثم قام وقمنا عنه.
فأقمنا ثلاثًا وضيافته تجري علينا، ثم ودَّعناه وأمر لنا بجوائز، فأُعطِينا خمسُ أواقي لكل رجلٍ منا، واعتذر إلينا بلال وقال: ليس عندنا اليوم مال، فقلنا: ما أكثرَ هذا وأطيبَه! ثم رحلنا إلى بلادنا فوجدناها قد مطرت في اليوم الذي دعا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك الساعة. قال الواقدي: وكان مَقْدَمهم في شوال سنة عشر (٣).
(١) «سلامان» بطون في عدة قبائل، والمراد هنا بنو سلامان بن سعدِ هُذَيمٍ من قُضاعة. انظر: «طبقات ابن سعد» (٦/ ٣١٥) و «جمهرة أنساب العرب» (ص ٤٨٦). (٢) الصلاة تفرّدت بها ف. (٣) ذكره الواقدي ــ وعنه ابن سعد (١/ ٢٨٦، ٦/ ٣١٥) مختصرًا ــ بإسناده عن حبيب بن عمرو السلاماني. ونقله الكلاعيُّ في «الاكتفاء» (١: ٢/ ٣٦١) عن الواقدي بأطول مما هنا. والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ٢٥٦).