بعثه إلى بني جَذيمة داعيًا إلى الإسلام ولم يبعثه مقاتلًا، فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلًا من المهاجرين والأنصار وبنى سُليم، فانتهى إليهم خالد فقال: ما أنتم؟ قالوا: مسلمون قد صلّينا وصدّقنا بمحمّد وبنينا المساجد في ساحاتنا وأذّنّا فيها! قال: فما بالُ السلاح عليكم؟ فقالوا: إنّ بيننا وبين قوم من العرب عداوةً فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السلاح! قال: فضَعُوا السلاحَ! قال: فوضعوه، فقال لهم: استأسروا، فاستأسر القوم، فأمر بعضَهم فكتف بعضًا وفرّقهم في أصحابه، فلمّا كان في السّحَر نادى خالد: من كان معه أسيرٌ فَلْيُدفّه! والمُدافّة الإجْهاز عليه بالسيف، فأمّا بنو سُليم فقتلوا من كان في أيديهم، وأمّا المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم، فبلغ النبيَّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ما صنع خالد فقال: اللهمّ إنّى أبرأ إليك ممّا صنع خالد! وبعث عليّ بن أبي طالب فوَدَى لهم قَتْلاهم وما ذهب منهم ثمّ انصرف إلى رسول الله فأخبره.
أخبرنا العبّاس بن الفضل الأزرق البصرى، أخبرنا خالد بن يزيد الجَوْني، أخبرنا محمّد بن إسحاق عن ابن أبي حَدْرَد عن أبيه قال: كنت في الخيل التي أغارت مع خالد بن الوليد علي بني جَذيمة يوم الغُميصاء، فلحقنا رجلًا منهم معه نسوةٌ فجعل يقاتلنا عنهنّ ويقول (١):