السّكينَةُ فوقَعَتْ فَخِذُه على فخذى فما وجدتُ شيئًا أثقل من فخذ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثمّ سُرِّىَ (١) عنه فقال لى: اكتُبْ يا زيد فكتبتُ في كَتِفٍ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}. فقام عمرو بن أمّ مكتوم، وكان أعمى، لما سمعَ فضيلةَ المجاهدين فقال: يا رسول الله، فكيف بمَن لا يستطيع الجهاد؟ فما انقضى كلامُه حتى غشيَتْ رسولَ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، السكينةُ فوقعتْ فخذه على فخذى فوجدت من ثِقَلِها ما وجدتُ المَرَّةَ الأولى، ثمّ سُرِّىَ عنه فقال: اقْرَأ يا زيد: فقَرَأتُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، فقال: اكتُبْ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قال زيد: أنزلها الله وَحْدَها فكأنّى أنظر إلى مُلْحَقِها عند صَدْع الكَتِفِ (٢).
قال أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزّهْرىّ عن أبيه عن صالح بن كيسان قال: قال ابن شهاب: حدّثنى سهل بن سعد الساعديّ أنّه قال: رأيتُ مروان بن الحكم جالسًا في المسجد فأقبلتُ حتى جلستُ إلى جنبه فأخبرنا أنّ زيد بن ثابت أخبره أنّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أمْلى عليه:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}[سورة النساء: ٩٥] قال فجاءه ابن أمّ مكتوم وهو يُمليها فقال: يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدتُ، وكان رجلًا أعمى، قال فأنزل الله تعالى على رسوله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفخذه على فخذى فثَقُلَتْ علىّ حتى هممتُ تُرَضّ فخذى (٣)، ثمّ سُرِّى عنه فأنزل الله تعالى عليه:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا بِشْر بن المفضّل قال: حدّثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهريّ عن سهل بن سعد عن مروان بن الحكم عن زيد ابن ثابت عن النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مِثْلَه.
(١) في متن ل "سُرِى" براء مخففة في المواضع الثلاثة. وقراءة دى خويه "سُرِّى" بالراء المشددة. وآثرت قراءته اعتمادا على رواية ث، وما ورد لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٦٤. (٢) سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٦٤. (٣) ث "حتى هَمّت تَرُضّ فخذى".